للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البغوي: لا يجوز، وفي "جمع الجوامع" أنه يجوز؛ إذ لا غبن.

قال الرافعي: "وقد ذكرنا في كتاب الرهن أن بعضهم سَوَّى بينه وبين الولي في البيع نسيئة، وفي الرهن والارتهان.

وألحق الغزالي هناك المكاتب بالولي في جواز الرهن، لكن الذي أطلقه عامة الأصحاب وأورده هنا المنع، ويشبه أن يتوسط فيقال: إن دعت ضرورة إلى البيع والرهن كما في وقت النهب، فله ذلك حفظاً للمال، وإن كان يرى فيه مصلحة، لم يمكّن منه" (١). انتهى.

والذي ذكره الغزالي في "الوجيز" في الكتابة: "ألا يبيع نسيئة" (٢)، ولم يتعرض للرهن، فمقصود الرافعي الرهن والارتهان في الشراء والبيع نسيئة، وإن إطلاق عامة الأصحاب منعه، وبعضهم جوازه، وهما الوجهان اللذان قدمناهما، وتوسط الرافعي الذي ذكره هنا.

أما إذا لم يجز بيعُ نسيئة وأراد المكاتب أن يرتهن لشيء من المصالح المتقدمة لعسر استيفاء الحق ونحوه، فلا منع منه، وكذا إذا جرى بيع نسيئة على وجه الجواز كالصورة التي قدمناها أن يبيع ما يساوي مائة بمائة نقدًا، ومائة نسيئة ويرتهن عليه، ولم يتضمن كلام الرافعي المنع من هاتين الصورتين، بل ولا الرهن في غير البيع نسيئة إذا دعت إليه ضرورة، وإنما كلامه في البيع نسيئة، ولم يتعرض للرهن والارتهان في غيره في باب الكتابة، وإطلاقه في باب الرهن جوازهما، وبهذا يتبين أنه لا تناقض بين كلامي الرافعي إلا في كونه جعل البيع نسيئة في باب الكتابة ممتنعًا عند عامة الأصحاب، وفي باب الرهن على وجه مشير إلى أن الأصح خلافه،


(١) فتح العزيز (١٣/ ٥٤٦).
(٢) انظر: فتح العزيز (١٣/ ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>