للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الرهن للضرورة، فلا خلاف أعلمه في صحته، إلا أني رأيت في "الإشراف" لابن المنذر: "إذا استدان الوصي لليتيم في كسوته وطعامه، ورهن به رهنًا، فهو جائز في قول أصحاب الرأي، ولا يجوز في قول أبي ثور. وقال الشافعي مرة: يجوز، ومرة: لا يجوز" (١). انتهى.

وهذا يقتضي أن للشافعي قولين في رهن الوصي مع الحاجة، وهو يؤيد الوجه الذي تقدم عن ابن كج، فليكن في رهن مال الطفل عند الضرورة قولان، وفي "تعليقة الشيخ أبي حامد" أن للأب والجد أن يبيعا من مال الطفل، وأن يبتاعا مالهما للطفل بنفسهما، وأن يبتاعا من ماله لنفسهما. ويرهنان من مالهما في حق الطفل، ويرتهنان من ماله في حقهما لفرط شفقتهما، فإن أرادا أن يرهنا ويرتهنا بتولي الطرفين حيث يجوز، فهو ما قدمناه، وإن أراد أنهما يرتهنان في دين لهما عليه فبعيد (٢)، فيتعين حمله على الأول، وقد صرح في "التتمة": أنه لو كان له على ولده الصغير دين، لم يجز أن يرتهن به شيئًا؛ إذ لا مصلحة للطفل وهذا أقوى، بل يتعين، وكذا الماوردي قال: "لو حصل لابنه عليه دين بلا رهن، جاز أن يأخذ له من نفسه رهنًا، ولو حصل له على ابنه دين بلا رهن، لم يجز أن يأخذ من ماله


(١) الإشراف (٦/ ١٩٢).
(٢) جاء في الهامش الأيمن للمخطوطة ما نصه: "حاشية: لا بُعْدَ في ذلك، والظاهر أن صورة المسألة فيما إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى رهن مال المحجور عليه عند أجنبي على دين مبتكر، وإذا جاز رهنه عند أجنبي في هذه الحالة بعد الأب والجد أجوز ومن الغرر أبعد؛ إذ لا يلزم الأب أن يدين ماله أو يقرضه لولده من غير رهن كما لا يلزم الأجنبي ذلك. وأما مسألة المتولي والماوردي هي مصورة فيما إذا كان له على ولده دين بلا رهن، ثم أراد أن يرتهن من مال ولده عليه رهنًا، والمنع فيه ظاهر، وكلام الماوردي صريح في ذلك، وحينئذٍ فيما حصل التوارد على صورة واحدة والله أعلم. كتبه أحمد الأذرعي، ستر الله عيوبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>