للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ورهنهما عليه في النظر له، لكنه قال بعد ذلك: ومَن قلت: لا يجوز ارتهانه إلا فيما يفضل من ولي اليتيم، أو أب لابن طفل، أو مكاتب، أو عبد مأذون؛ لا يجوز أن يرهن شيئًا إلا حيث يجوز أن يودعوا من الضرورة (١) وهكذا قال في "الأم" (٢).

وقال في البويطي: "لا يجوز أن يرهن الوصي مال اليتيم، ولا الأب مال ابنه، وإن ارتهن لهما جاز إذا كان يطرأ فيما يبيع لهما ويرتهن". انتهى.

وهذه النصوص تدل على أنه يعتبر في الرهن الضرورة وفي الارتهان المصلحة، فأما أن يجمع بين كلام الشافعي والأصحاب، ويقال: إن المصلحة في الارتهان تظهر كثيرًا، وأما في الرهن، فقل أن يوجد في غير الضرورة؛ فلذلك جرت في كلام الشافعي، والصورة التي صدرنا بها الفصل وهي: إذا اشترى ما يساوي مائتين بمائة نسيئة، ورهن عليها ما يساوي مائة لا ضرورة فيها، والمصلحة فيها ظاهرة لا يظهر منعها، ولو سُئِل الشافعي عنها لما منعها فيما يظهر لنا وهي صورة نادرة، فلا يكون كلامه قاصدًا لمثلها، وإما أن يقدر خلاف.

وقد قال الجوري: "كان ابن خيران يجيز لولي اليتيم، ومَنْ سُمِّي معه: أن يرهن رهنًا إذا اشترى ما في شرائه النظر له، وإن لم يكن ضرورة، وهو الصحيح عندي". انتهى.

وهو يؤيد الاحتمال الثاني، وأن الخلاف ثابت، وأن الجوري فهم من إطلاق الشافعي المنع، ولا جَرَمَ نقل الجواز عن ابن خيران وصححه، ويكون هذا الذي قدمناه عن الجمهور وهو قول ابن خيران والدليل يعضده.


(١) انظر المصدر السابق بنحوه.
(٢) الأم (٣/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>