للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجاهدًا، فإنه قال: ليس الرهن إلا في السفر (١)، ونقل غيره ذلك عن الضحاك وداود" (٢).

وسبب رهن النبي عند اليهودي؛ إما لبيان جواز معاملة الكفار إذا لم يتحقق تحريم ما معهم، وذلك مُجْمَعٌ عليه، وإما لأنه كان يعلم أن الصحابة يبذلون أنفسهم له، فكيف بأموالهم، فلو شعروا بحاجته إلى ما عندهم لبذلوه له، ولم تطب أنفسهم بأخذ ثمنه فضلًا عن أخذ الرهن عليه، فعدل إلى معاملة اليهودي؛ لئلا يُضيِّق على أصحابه، وإما لأنه لم يكن عندهم ما يفضل عن حاجتهم، واليهودي المذكور ورد في رواية منقطعة أنه أبو الشحم رجل من بني ظفر؛ كذا رواه الشافعي (٣).

وقال إسماعيل الحضرمي: إن الدرع التي رهنها كانت قيمتها أربعمائة.

قال الماوردي: "واختلف الناس هل مات رسول الله قبل فكاك درعه؟

فقال قوم: افتكه قبل موته؛ لأنه يقول: "نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى"، وهذه صفة تُنتفى عنه .

وقال آخرون وهو الصحيح: إنه مات قبل فكاكه؛ لرواية عكرمة عن ابن عباس قال: توفى رسول الله ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود بثلاثين صاعًا من شعيرٍ. فعلى هذا يكون قوله: "نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى" محمولًا على مَن مات، ولم يترك وفاء" (٤).


(١) الإشراف (٦/ ١٧٩).
(٢) البناية شرح الهداية (١٢/ ٤٦٨).
(٣) مسند الشافعي (ص ١٣٩).
(٤) انظر: كفاية النبيه (٩/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>