للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: وسواء صح حمله على مَن لم يترك وفاء أو كان على عمومه فيه وفي غيره، فالنبي خارج منه؛ لأن دينه ليس لمصلحة نفسه؛ لأنه غني بالله تعالى، وإنما أخذ الشعير لأهله وهو متصرف عليهم بالولاية العامة، ولا يتعلق الدين به، بل بهم، ويصرف من ذلك المال المأخوذ الذي أرصد منه نفقة نسائه ومؤنة عامله لا تعلق له بذمة النبي كما تتعلق ديون غيره بذممهم بعد الوفاة، معاذ الله أن يكون رسول الله ، كذلك، وقد ذكر ابن سعد في "الطبقات" (١) من قضاء دين رسول الله وعداته (٢) بعد موته، وما قضاه الصديق لجابر وفاء لقول النبي : "لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ البَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا". وأشار بكفيه، فأمر الصديق، فأخذ بكفيه، فعدها خمس مائة، فأعطاه ألفًا وخمس مائة من مال البحرين.

وقال بإسناده إلى جابر قال: "قضى علي بن أبي طالب دين رسول الله ، وقضى أبو بكر عداته" (٣).

ورُوي عن عبد الواحد بن أبي عون: "أن رسول الله لما تُوفي، أمر عليّ صائحًا يصيح: مَن كان له عند رسول الله عدة أو دين فليأتني، فكان يبعث كل عام عند العقبة يوم النحر مَن يصيح بذلك حتى تُوفي علي، ثم كان الحسن بن علي يفعل ذلك حتى تُوفي، ثم كان الحسين يفعل ذلك فانقطع ذلك بعده. قال ابن أبي عون: فلا يأتي أحد من خلق الله إلى علي بحق ولا باطل إلا أعطاه" (٤). انتهى.

ولم يرد في أمر هذا الشعير شيء، ولم يثبت أنه كان على النبي ديون


(١) الطبقات الكبرى لابن سعد (٢/ ٢٤٢ - ٢٤٣).
(٢) جاء في الهامش الأيسر ما نصه: "قول عداته جمع عدة … ".
(٣) الطبقات الكبرى (٢/ ٢٤٣).
(٤) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>