للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعوى، فوجب أن يكون إلى مشيئة الحاكم، كما يقول في رجلين تداعيا شيئًا وهو في يديهما، وكل واحد منهما يدعي جميعه، فإنهما يتحالفان، أي: يحلف كل منهما أنه لا حق لصاحبه فيما في يده (١)، كما صرح به الشيخ أبو حامد، ويبدأ الحاكم بيمين من شاء منهما، كذلك هنا صرح بالحكم المقيس عليه الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، والقاضي حسين، وهو مقتضى كلام المصنف.

وقال الشيخ أبو حامد: إنه لا يختلف المذهب فيه.

قلت: وهذه المسألة المقيس عليها فيها شبه من مسألة المتساومين من جهة أنهما خصومتان، وقد تقدم أنه لا قائل بالتخيير في مسألة المتساومين، وفيها شبه من مسألة التحالف من جهة أنهما كالخصومة الواحدة؛ لتعلق كل منهما بالآخر، فيحتاج على المذهب إلى الفرق بينهما، وذلك أنهما مستويان من كل وجه وليس فيهما من الترجيح ما ذكرناه في جانب البائع، والفرق بينهما وبين مسألة المتساومين تعدد الخصومة، وها هنا لا فائدة في التقديم في فصل خصومة أحدهما دون الآخر، وقول المصنف في توجيه هذا القول: لا مزية لأحدهما على الآخر في الدعاوى تقييد لا بد منه؛ لأنه قال في بقية كلامه: أن جانب البائع أقوى، فلو لم يقيد بذلك لتناقض، ومع هذا القيد لا تناقض؛ لأن تلك القوة ليست في الدعوى، بل في شيء آخر.

الرابع.: أن هذا التقديم هل هو على وجه الوجوب أو الاستحباب؟ فيه وجهان: حكاهما الماوردي (٢)؛ أحدهما: وهو الذي جزم به الشيخ أبو حامد، وصاحب "التتمة" (٣)، ........................................


(١) الوسيط في المذهب (٣/ ٢١١).
(٢) الحاوي (٥/ ٣٠١).
(٣) نقله عنه أيضًا الرافعي في فتح العزيز (٩/ ١٧٨). وانظر: الوسيط في المذهب (٣/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>