للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صادرة عن قياس، وما يتكلفه الفقهاء من تقوية جانب على جانب إذا كان لا يفيد التصديق ولا معنى له، فلا ينقدح إلا مسلكان التخيير أو الإقراع" (١)، وإنما قطع بالإقراع في المتساويين؛ لأنه في خصومتين، وللمتقدم غرض ظاهر في تخيير مقصوده، وها هنا الخصومة واحدة لا تنفصل بأحد الجانبين.

ثم إن الإمام بعد ذلك ضعف الطريقتين؛ لمخالفتهما النص إذا لم يقف على نص الدعاوى، ومال إلى خلاف قول التسوية.

قلت: ولنا وجه في المتساويين أن الحاكم مخير إن شاء أقرع، وإن شاء قدم باجتهاده، وفيه شاهد لطريقة الاجتهاد هاهنا، ولكن الفرق الذي قاله الإمام هنا محتاج إليه للقول بالتخيير هنا من غير اجتهاد، ولم يقل به في المتساويين.

الثالث: في الاستدلال لما تقدم، أما تقديم البائع وهو الصحيح، فلما ذكره المصنف من الحديث، وقد تقدم في بعض ألفاظه: "اسْتُحْلِفَ الْبَائِعُ ثُمَّ الْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ" (٢).

وهو نص، لكن ذلك من رواية عون، وقريب منه من رواية أبي عبيدة كما تقدم، وهما منقطعان، فإما أن يكتفي بذلك، لثبوت أصل الحديث، وإما أن يقصد بتأويل الرواية المتصلة عليه كما سبق، أو بنوع من القياس كما ذكره المصنف؛ لأن الأصول تقتضي أن كل من كانت جنبته أقوى كانت اليمين في جانبه والبائع أقوى؛ لما ذكره المصنف، ولأن البائع يأتي بصدر العقد، وهو


(١) نهاية المطلب (٥/ ٣٤١). مختصر بتصريف.
(٢): أخرجه أحمد (١/ ٤٦٦)، والنسائي (٤٦٤٩)، والدارقطني (٢٨٥٦ - ٢٨٥٧)، والحاكم (٢/ ٥٥)، والبيهقي في الكبرى (١٠٥٩١) من طريق عبد الملك بين عبيد عن أبي عبيدة عن ابن مسعود مرفوعًا، وإسناده ضعيف. ووقع عند بعضهم: عبد الملك بن عمير.

<<  <  ج: ص:  >  >>