للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي لا معني له، قال: والظن أن المراد بهذا تخير القاضي، ولكن المعلِّق عنه لم ير التخيير في الوقائع، فحمل هذا على الاعتقاد في ردَّ الأمر إلى الاجتهاد" (١) هذا كلام الإمام.

واعلم أن الكلام إذا حمل على اجتهاد الحاكم في تقديم البائع أو المشتري من حيث الجملة كان ركيكًا، كما قاله الإمام، أما إذا حمل على اجتهاد الحاكم في الأمور الجزئية المقتضية في بعض الأوقات تقديم البائع أو المشتري بعينه لما يقترن بتلك الواقعة من الأمور التي هي مجال نظر الحاكم فليس ركيكًا.

قال ابن الرفعة: "وله عندي وجه، فإن الحاكم قد يرى من أحدهما مخايل الاعتراف، فيرى البدأة بتحليفه يقر أو ينكل، فيحلف الآخر يمينًا واحدة، فتنفصل الخصومة عن قرب" (٢).

قلت: وهذا حسن، وإذا فقدت هذه الأمور واستوى الجانبان، عاد الأمر إلى التخيير، وقد علمت أن الناقل عن القاضي لم ينفرد بذلك إذا حكينا القول بالاجتهاد عن غيره في الوجوه المتقدمة، لكن عبارة الأكثرين التخيير، فإما أن يكون وجهين أو طريقة كما تقدم، ويحتمل على بعد أن يحمل أحدهما على الآخر، إمَّا برد الاجتهاد إلى التخيير كما قاله الإمام، وإما برد التخيير إلى الاجتهاد؛ لأن الاختيار كثيرًا ما يطلق في تصرفات الحكام، والمراد به: الاجتهاد لا التشهي، وكل من الاحتمالين بعيد، والمراد الاختيار المحض؛ لاستواء الجانبين على وجه، أو الاجتهاد على آخر.

الثاني: أن الإمام قال عن طريقتي التخيير والاقتراع: "إن كلًّا منهما


(١) نهاية المطلب (٥/ ٣٤٢).
(٢) المطلب العالي في شرح الوسيط للغزالي (ص: ١٧٨). رسالة ماجستير من التحالف في البيع إلى السلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>