ثم التصرف المعتبر ما هو فيه ثلاثة أوجه: أصحها: وهو مقتضى كلام المصنف أنه كل تصرف يزيل الملك كالبيع بغير شرط الخيار والهبة مع الإقباض والإعتاق والإتلاف وكذلك التلف تحت يده كما صرح به صاحب "البيان" وغيره، أو أداؤه في دين عليه، وهذه التصرفات كافية على كل الوجوه.
والثاني: كل تصرف لازم يتعلق بالرقبة كالرهن مع الإقباض، والثالث: كل تصرف يستدعي الملك كالإجارة، وقال الشيخ أبو محمد: كل ما يقطع رجوع الواهب والبائع في عين ماله عند الفلس، وهو راجع إلى الأوجه المتقدمة، وإن عده الإمام طريقة رابعة.
والوجهان الأخيران مختلفان في الإجارة لتعلقها بالمنفعة والرهن؛ لأنه لا يستدعي الملك، ومتفقان على الاكتفاء بالتزويج والبيع بشرط الخيار إذا قلنا: لا يزيل الملك وطحن الحنطة وخبز الدقيق وذبح الشاة. وعلى الوجه الأول الأصح لا يكتفى بشيء من هذه التصرفات السببية.
وأما البيع بشرط الخيار؛ فعلى الثاني والثالث يكفي مطلقًا، وعلى الأول إن قلنا لا يزيل الملك لم يكف، وإن قلنا: يزيله فوجهان؛ لأنه إزالة غير لازمة، ومقتضى هذا أن البيع بدون شرط الخيار لا يحكم بالملك فيه حتى ينقضي خيار المجلس فيتبين حصول الملك قبل البيع.
وإذا قلنا: الملك لا يحصل بهذه التصرفات، فمقتضاه أن يفسد، وبه صرح البغوي في التزويج والإجارة، وحيث قلنا بالصحة وزوال الملك للمقرض أن يرجع في المرهون قبل انفكاك الرهن، وله الرجوع بعده، وفي الإجارة له الرجوع قبل الإجارة، والإجارة باقية بحالها، والأجرة للمستقرض.
وإن اختار الرجوع إلى البدل كان له ذلك؛ لأن الإجارة عيب، وفي البيع