للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه يملك بالتصرف لما ذكره المصنف، ولأنه ليس تبرعًا محضًا بدليل وجوب البدل، وليس على حقائق المعاوضات كما سبق فوجب أن يكون تملكه بعد استقرار بدله، وهذا أصح عند ابن أبي عصرون، ومعناه بالتصرف بعد القبض، أما التصرف قبل القبض فلا يصح، ولا أثر له بلا خلاف ولذلك قال المصنف: إن التصرف يقف على القبض.

نعم، لو أتلف المستقرض العين المقرضة قبل القبض هل يكون إتلافه قبضا، ويحكم بملكه أو لا؟ فإن قلنا: إنه لا يملك إلَّا بالتصرف، فلكل واحد منهما قبله أن يرد بلا إشكال، وإن قلنا بالأول فيجوز للمستقرض أن يرد العين، ويجبر المقرض على قبولها بلا خلاف.

ولو قيل بأنا إذا أوجبنا القيمة لا يجبر على أحد العين؛ لأنها غير الحق لكان له وجه؛ لكن لم أَرَ مَنْ قاله به، وأما المقرض، فالمذهب المشهور المنصوص الذي قطع به جماعة أن له أن يرجع ويجبر المستقرض على الرد ما دام باقيًا في يده، كما يرجع الواهب بعد ملك الولد، وعلى [ذلك] (١) يتجه استدلال المصنف، وعلى هذا لا يتمكن من المطالبة بالبدل إلّا عند الفوات.

هكذا مقتضى كلام الرافعي (٢) وغيره، ولأن الدعوى به ليست ملزمة، ومن أصحابنا مَن قال: لا يجوز له الرجوع، وللمستقرض أن يؤدي من غيره، وهو الذي أورده في "التهذيب"؛ فعلى هذا لا يتم الاستدلال لكنه وجه ضعيف في النقل، وإن كان له وجه حسن في القياس؛ فاجتمع في رجوع المقرض في عين المال طريقان؛ أصحهما: القطع بالرجوع.

والثانية: البناء على أنه تملك بالقبض، أو بالتصرف، وقد حكى الطريقين في "التتمة".


(١) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها السياق.
(٢) فتح العزيز (٩/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>