للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصداق وأرش جناية بعد لزومها حالة لا تقبل التأجيل عندنا، ووافقنا أبو حنيفة (١) في القرض، ووافق مالكًا (٢) في الباقي.

قال الشافعي: "ولو كان له على رجل حق من بيع أو غيره حال فأخره به مدة، كان له أن يرجع متى شاء، وذلك أنه ليس بإخراج شيء من ملكه، ولا أخذ منه عوضًا فيلزمه، وهذا معروف لا يجب له أن يرجع فيه" (٣)، وقولي: بعد لزومها احتراز من الثمن الحالِّ في مدة الخيار؛ فإنه يقبل التأجيل، ولنا صورتان يشبهان تأجيل الحال: إحداهما: قال الأصحاب: إذا أوصى بتأجيل الحال صحت الوصية، ولم يكن للورثة المطالبة به إلَّا بعد الأجل إذا خرج ذلك من الثلث.

والثانية: قالها بعض الأصحاب: إذا نذر تأجيله حيث يستحب له إذا قلنا: يلزم كل مندوب بالنذر وهو الصحيح، ففي هاتين الصورتين يجب الإمهال في الدَّين الحالِّ إلى مدة معلومة، فيكون في معنى المؤجل لكنه ليس مؤجلًا حقيقة.

ألا ترى أن إنظار المعسر يثبت الإمهال فيه، وإن لم يكن مؤجلًا، فلا فرق بينهما، إلا أن الوصية والنذر إلى غاية معلومة، والإنظار إلى غاية غير معلومة، ولم يختلف الأصحاب في أن الدين الحال لا يؤجل في غير هاتين الصورتين.

واختلفوا في عكسه كما ذكرنا في السلم إذا أسقط مَنْ عليه الأجل هل يسقط؟ ثم إن الأصحاب مع اتفاقهم على أن التأجيل لا يصحُّ، قالوا: يستحب الوفاء به؛ كما قاله الشافعي أنه معروف لا يستحب الرجوع فيه.


(١) انظر مصادر الأحناف السابقة.
(٢) انظر مصادر المالكية السابقة.
(٣) مختصر المزني (٨/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>