للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدفوع أقل رجع المسلم بالتكملة، وإن كان أزيد رد الزائد إن ادعى أنه قدر حقه، وبذلك صرح القاضي أبو الطيب، وهو مقتضى كلام الماوردي (١) في باب بيع الطعام، وكلام المحاملي هنا وصرحوا ببراءة ذمته منه، وقول القابض أنه دون حقه مقبول مع يمينه بلا خلاف، نص عليه الشافعي (٢) بعد قوله: ولو أعطاه طعامًا يصدقه في كيله، لم يجز.

قال الأصحاب: لم يرد الشافعي أنه اعترف بصحة الكيل، فإنه حينئذ لا تسمع دعواه، وإنما أراد قبول خبره، وحمله على الصدق.

قال القاضي أبو الطيب: ولأن تصديقه في كيله لا يمنع صحة دعواه؛ لأن الكيال قد يبخس فينقص، وقد يوفي فيزيد، ولهذا نقول: إذا خرج زائدًا سلمت الزيادة للبائع، وإن كان قد أقر بأنه عشرة أقفزة.

قلت: وهذا من القاضي يوافق من يقول في المرابحة إذا بين لغلطه وجهًا محتملًا قبل، ولا فرق فيما إذا قبض جزافًا بين أن يدعي نقصانًا قليلًا أو كثيرًا، نص عليه الشافعي والأصحاب، بخلاف ما إذا كان قبضه بالكيل، وقال الأوزاعي والنووي: إن القول قول البائع وعدم صحة بيع الجميع متفق عليه بين الأصحاب غير الإمام (٣).

ومقتضى قول من يقول بصحة القبض أنه إن كانت زائدة يبطل في الزائد وفي القدر المستيقن قولًا تفريق الصفقة، ولم يصرح به أحد من الأصحاب غير الإمام، وهو الحق إذا قيل بصحة القبض، وإن كانت سواء أو ناقصة فيصح كما لو باع مال أبيه على ظن أنه حي، فإذا هو ميت.

والوجهان في بيع القدر المستيقن مشهوران، وصورته أن يبيع من الصبرة


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٢٣٣).
(٢) مختصر المزني (٨/ ١٨٠).
(٣) نهاية المطلب (٥/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>