للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: إنه إن تلف في يده تلف من ضمانه هو مقتضى ما جزم به الرافعي (١) في باب القبض، ونقل الإمام (٢) الوفاق عليه، لكن الرافعي (٣) في باب بيع الثمار حكى وجهين في انفساخ العقد بتلفه في يد المشتري قبل الكيل.

ومقتضى القول بالانفساخ أنه لا يضمنه ضمان العقود؛ فعلى هذا يأتي في مسألتنا هنا وجهان:

أحدهما: أنه يتلف من ضمانه أعني ضمان العقود، ولا يبقى له على المسلم إليه شيء.

والثاني: أنه يضمنه ببدله ضمان، يد ويكون المسلم فيه باقيا له في ذمة المسلم إليه، وهو مقتضى كلام الماوردي في باب السلم، وهو مناقض لما قدمه في باب بيع الطعام، لكن المذكور هنا هو القياس.

وتعليل المصنف يشعر بالأول، وأنه يضمنه ضمان العقود كما اقتضاه كلام القاضي أبي الطيب، والماوردي في أحد قوليه، والمحاملي، ولا يوافق ذلك الحكم بفساد القبض، بل ينبغي إذا قلنا بفساد القبض لا يترتب عليه حكم، وينفسخ العقد بتلفه إذا كان معينًا، ولا يضمنه ضمان العقود، ولا يصح تصرفه في شيء منه، كما سيأتي.

وإن قلنا بصحة القبض انعكست هذه الأحكام، وحيث نص الشافعي على فساد القبض وفساد التصرف فقياسه أن المقبوض يتلف على البائع.

نعم: إذا تلف على ملك الدافع، وهو مثلي، فله عليه مثله، فيجري التقاص فيه مع المسلم فيه، فإن تساويا برئت ذمة المسلم إليه، وإن كان


(١) فتح العزيز (٩/ ٣٣٦).
(٢) نهاية المطلب (٥/ ١٨٦ - ١٨٧).
(٣) فتح العزيز (٨/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>