للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي ثور: أن له أخذ الكراء" (١).

وإن جعله نائبًا عنه في حمله إلى ذلك الموضع لم يكن المسلم قابضًا له بل يفتقر إلى تسليمه إليه في الموضع المعين أو في غيره إذا رضي المسلم بذلك.

قال الأصحاب: ويجب التسليم في المكان الذي تعين إما بالعقد وإما بالشرط، فلو وجد المسلم إليه في غيره فإن كان لنقله مؤنة لم يطالب به بلا خلاف وهل يطالب بالقيمة للحيلولة؟ وجهان؛ الصحيح الذي قطع به العراقيون وصاحب "التهذيب" (٢): لا؛ لأنه اعتياض قبل القبض.

فعلى هذا للمسلم الفسخ واسترداد رأس المال كما لو انقطع المسلم فيه، وإن لم يكن لنقله مؤنة كالدراهم والدنانير فله مطالبته به، وأشار إمام الحرمين إلى خلاف فيه، ولو ظفر المالك بالغاصب في غير مكان الغصب أو الإتلاف فهل له مطالبته بالمثل فيه؟ الأصح ليس له المطالبة إلا بالقيمة.

واعلم أن المذكور في قصة أنس في الكتاب يقتضي أن عمر أخذها، والمذكور في رواية الشافعي أن عمر أمره بأخذها، وأعتقه، وكلاهما يدل على الإجبار من حيث الجملة، وإنما الاختلاف في طريقه: هل ينوب الحاكم عنه أو يرهقه إليه؟ والجمع بينهما بما تقدم من كلام الأصحاب.

وفي لفظه ما يقتضي أن الشافعي غير جازم بروايته لقوله: "وكان في الحديث" إن كانت حرف التشبيه، وإن كانت كان الناقصة فيكون على كل تقدير المقصود بذلك الاستئناس مع القياس لما عرف من ذهبه، لكنه لم يرد في محل القولين، وهو ما إذا لم يكن لهما غرض فإن أكثر الأصحاب على القطع بالإجبار في الكتابة ونحوها كما تقدم، فاستدلال الشافعي به يقتضي


(١) الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر (٦/ ١١٤). بتصريف يسير.
(٢) التهذيب (٤/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>