للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لا فرق بين أن يكون للمؤدي غرض أو لا كما هي طريقة بعض الأصحاب، ولعل الأكثرين يقولون: إنه إذا انتفى غرض المؤدي ينفرد القياس بالدلالة وهو كاف وإذا وجد انضم إلى الأثر.

وقد ذكر ابن المغلس أثرًا آخر استدل به على عدم الإجبار قبل المحل أن قومًا بالمدينة كاتبوا غلامًا لهم على أربعة آلاف نجومًا على أن يؤدي كل ألف درهم؛ فلما كتبوا الكتاب قال: هلم إلي مالكم فخذوه، قالوا: لا نأخذه إلا كما شرطنا فأتى عثمان فحكى ذلك له فأمره أن يأتي بالمال فأرسل إليهم فعرضه عليهم فأبوا أن يقبلوه إلا نجومًا فألقاه في بيت المال وقال (١): تعالوا كل سنة فخذوا ألفا.

قلت: وعندي أن هذا اليس لأثر عمر بل موافق له في قبض عثمان له ووضعه في بيت المال، وإنما قال لهم: تعالوا كل سنة خذوا ألفًا لامتناعهم من أخذه، وبعد وصوله إلى بيت المال وحصول العتق لا يبقى غرض في إجبارهم، وقد صرح الماوردي (٢) على قولنا بالإجبار: إنه إذا امتنع يأخذه القاضي ثم يضعه في بيت المال حتى يأخذه متى شاء.

فرع

هذا كله إذا أتى بالدين من هو عليه من أصيل أو ضامن بالإذن أو بدونه، أما الأجنبي إذا تبرع بأدائه فإن كان عن حي لم يجب القبول، وإن كان عن ميت، فإن كان الوارث وجب القبول؛ لأنه يخلص التركة لنفسه، وإن تبرع غير الوارث ففيه تردد جواب للقاضي حسين.

وقد نقل الشافعي في "الأم" عدم الخلاف في الوجوب إذا كان الباذل هو الوارث، واستدل بذلك على الوجوب في أصل المسألة لكن لم يفصل


(١) في المخطوطة: "قالوا"، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>