للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصنف استغنى عن ذكره هذه الحالة بإطلاقه لزوم القبول فيما تقدم، والمراد به بعد المحل، وجميع ما تقدم ملخصه أن المراعي قبل المحل غرض المستحق وبعد المحل غرض المديون، وحيث ثبت الإجبار فلو أصر على الامتناع أخذه الحاكم له لقصة أنس، وهل يجب على الحاكم قبول ذلك؟ فيه وجهان حكاهما البغوي (١) هنا، والرافعي (٢) في كتاب الوديعة، وجه المنع أن الدين لا يخشى عليه الهلاك بخلاف المعين، وتبرأ ذمة المديون بقبض الحاكم ويكون أمانة لمستحقه في يد الحاكم أو يد من أنابه.

واعلم أن الإجبار يكون على القبول أو الإبراء، وأما الحاكم فلا ينوب عنه في الإبراء؛ لأنه لا مصلحة له فيه، وإنما ينوب عنه في القبض، هذا في المحل الزماني.

وأما المكاني إذا شرطه أو أطلق، وقلنا: يصح، ويحمل على موضع العقد؛ فأتى به في غير ذلك الموضع فحكمه حكم ما مضى في الزمان، هكذا ذكره المصنف والأصحاب، ولم يخالفهم الغزالي هنا بل وافقهم في مراعاة جانب المستحق، ويلزمه الفرق أو موافقتهم هناك.

وحيث لا نقول بالإجبار في المكان فرضي وأخذه لم يكن له تكليفه مؤنة النقل، ولو بذل له أجرة الحمل إلى ذلك الموضع لم يلزمه قبوله بل لا يجوز أخذ الأجرة عنه؛ لأنه كالاعتياض عن بعض المسلم فيه، ذكر ابن شريح، ووافقه الأصحاب.

ونقل ابن المنذر:" كراهة ذلك عن مالك، والثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق.


(١) التهذيب (٣/ ٥٨٧).
(٢) فتح العزيز (٩/ ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>