للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ومحل المخالفة والتفرد فيما إذا كان للمؤدي غرض في التعجيل وكونه بدأ بمراعاة غرض المؤدي، وقال بإجبار المستحق سواء أكان له غرض أو لا، وهو فيما إذا لم يكن للمستحق غرض موافق لأكثر الأصحاب على ما تقدم، وفيما إذا كان لكل منهما غرض موافق لأحد القولين من أحد الطريقتين اللتين حكاهما الإمام (١).

لكنه في "البسيط" صرح بأن الأصحاب قطعوا بالإجبار، ورعاية جانب المؤدي إذا كان لكل منهما غرض فيتوجه عليه ما أورده الرافعي (٢)، ولو لم يكن إلا كلامه في "الوسيط" (٣) و"الوجيز" (٤)، وإطلاقه فيهما القول بذلك من غير حكاية القطع لم يتوجه عليه؛ لأنه قد يكون اختار ذلك القول، وبسببه وقعت المخالفة في الترتيب.

فخرج من هذا أنه إن انفرد غرض المستحق فلا إجبار قطعًا، وإن وجد الغرضان فكذلك على المذهب، وإن انفرد غرض المؤدي أجبر المستحق على المذهب، وإن انتفى الغرضان فقولان أصحهما الإجبار، وحكم سائر الديون المؤجلة فيما ذكرنا حكم المسلم فيه.

وأما السلم الحال فإن كان للمؤدي غرض سوى البراءة أجبر المستحق على القبول بلا خلاف ونقل ابن الرفعة في "شرح الوسيط" عن "النهاية" خلافًا فيه، وهو غلط منه، وكأنه التبس عليه، وإن لم يكن للمؤدي غرض فطريقان أصحهما: أنه يجبر على القبول، أو الإبراء.

والثانية: أنه على القولين؛ لأنه يقول: الحق لي فأؤخره إلى أن أشاء.


(١) نهاية المطلب (٦/ ٣٨).
(٢) انظر مصدره السابق.
(٣) الوسيط في المذهب (٣/ ٤٤٨ - ٤٤٩).
(٤) الوجيز (ص: ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>