للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاختلاف تأثير النار فيما يتصعد ويفطر، واستبعد الإمام (١) وجه المنع، وقال الروياني: «الجواز أصح عندي وعند عامة الأصحاب» (٢).

والعسل المصفى بالشمس يجوز قطعًا.

وفي العسل المصفى بالنار الوجهان في الدبس ونحوه هذا، قال الرافعي وذكر أن مما يوجبه به المنع أن النار تعيبه ويسرع الفساد إليه.

قلت: ويشهد له أن الشافعي نص (٣) على أنه إذا أسلم في العسل المصفى، فأحضر إليه المصفى بالنار لم يجب قبوله؛ لأن النار تُغَير طعمه فينقص ثمنه، ولكن تصفية له بغير نار، وشرط القاضي حسين في ذلك أن تكون النار أثرت فيه تعقد الأجزاء، أما إذا لم يؤثر فيه أثرًا بينًا، فيجوز كالمصفى بالشمس، وكذلك يقتضيه كلام المحاملي، والشيخ أبي حامد، فلينزل كلام مَن أطلق عليه السمن المصفى بالنار، فليست التصفية بالنار عيبًا فيه؛ لأنها لا تؤثر في طعمه بخلاف العسل، فإنها تؤثر في طعمه، قاله الماوردي (٤)، وفي الرافعي (٥) وابن الرفعة (٦)، أنه كالعسل وهو بعيد.

قسم الماوردي ما دخلته النار إلى أربعة أقسام: قسم دخلته لاستهلاك أجزائه؛ كالأدهان المغلية، فيمتنع السلم فيه، وقسم دخلته لتنقله من حال إلى حال، كالمعتصر من الفواكه والأعناب فيمتنع أيضًا، وقسم دخلته للتمييز والتصفية، كالعسل والسمن، فيجوز، وقسم دخلته لانعقاد أجزائه كالسكر فيجوز أيضًا.


(١) نهاية المطلب (٦/ ٤٤).
(٢) بحر المذهب (٥/ ١٣٣).
(٣) الأم (٣/ ١٣٢).
(٤) الحاوي الكبير (٥/ ٣٥٣).
(٥) فتح العزيز (٩/ ٣٠٢).
(٦) كفاية النبيه (٩/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>