للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوردي: «إنه يذكر في الذهب والفضة النوع واللون والخشونة أو اللين والجيد والرديء، وأنه في الدراهم ينسب الضرب إلى تميُّز به، وليس يحتاج إلى غير ذلك الأوصاف».

واعلم أن الأصحاب أطلقوا أن النقد متى كان في صفقة، فهو الثمن على الأصح، وأطلقوا أن الاستبدال عن الثمن جائز على الصحيح، ومن المعلوم أن الاستبدال عن المسلم فيه لا يجوز، والجمع بين ذلك يتقيد إطلاقهم أن النقد ثمن، فإنه إذا جعل مسلمًا فيه انتقل من كونه ثمنًا إلى كونه مثمنًا؛ ولهذا لما استدلت الحنفية على امتناع السلم فيها بأنها أثمان، فلا يجوز أن تصير مثمنة.

قال المصنف في «النكت» في الجواب: إنه يجوز ذلك، كما يجوز أن يصير العروض أثمانًا.

فهذا الكلام من المصنف يقتضي أنَّا في هذه الصورة لا نسميها ثمنًا، ومن هذا يُعْلَمُ أنه إذا عقد هذا العقد بلفظ الشراء، فإن نظرنا إلى اللفظ؛ كما صححه البغوي (١)، والرافعي (٢) جعلناها ثمنًا، وكان الاستبدال عنها كالاستبدال عن الثمن، وإن نظرنا إلى المعنى كما هو الأصح عند العراقيين كانت مثمنًا، فلا يجوز الاستبدال عنها، والقاضي حسين أطلق القول: «بأنا إذا جعلنا الثمن النقد كان الاستبدال عنها كالاستبدال عن الثمن»، وذلك على ما تقدم من أصله أنه ينبني كون العقد سلمًا أو بيعًا على أن الثمن ماذا؟ والأكثرون لم يبنوه على ذلك.

وتابع الإمام القاضي على ذلك، وقال: «إن لم يجعلها ثمنًا، لم يجز


(١) التهذيب (٣/ ٥٧٠).
(٢) فتح العزيز (٨/ ٤٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>