للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإبل المعجلة بالإبل التي في ذمته على وجه الشراء، وهو الذي رواه الدارقطني في "سننه" (١)، فينبني على أن الثمن ماذا؟ فإن قلنا: النقد، فها هنا لا ثمن، فيكون سلمًا - أيضًا - كما يقتضيه كلام الإمام (٢)، فيما إذا أسلم، وإن كان فيه نظر؛ لأنه يلزم أن كل بيع بعوض في الذمة غير النقود يشترط قبض المبيع فيه في المجلس، فإن ثبت؛ ذلك صح الاستدلال أيضًا.

وإن (٣) قلنا: الثمن ما دخلت عليه الباء، فلا يلزم من جعلها ثمنًا جواز السلم فيها، إلا أن يثبت أن كل ما صح ثبوته في الذمة بالمعاوضة صح السلم فيه، لكن المقصود بيان أن الحيوان يجوز أن يكون دينًا في الجملة.

وقد اتفق الشافعي والأصحاب على جواز السلم في الحيوان (٤)، واستدلوا من هذا الجنس بإبل الدية، وبأن النبي "اسْتَسْلَفَ بَكْرًا" (٥)، وهو حديث صحيح، "وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ بَاعَ جَمَلًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: عُصَيْفِيرِ بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إِلَى أَجَلٍ" (٦)، "وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ" (٧)، وعن ابن شهاب: "لَا بَأْسَ بِالْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ".

وكان ابن عمر، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، والشعبي، وسعيد بن المسيب، وطاوس، وعطاء، ومجاهد، والزهري، ومالك (٨)،


(١) سنن الدارقطني (٣/ ٦٩) (برقم: ٢٦٢).
(٢) نهاية المطلب (٦/ ٢١).
(٣) كرر هنا "وإن"، وهي زيادة بدون فائدة.
(٤) انظر: الأم (٣/ ١١٨)، الحاوي (٥/ ٣٩٩)، نهاية المطلب (٦/ ٢٠)، البيان (٥/ ٣٩٨).
(٥) أخرجه مسلم (١٦٠٠).
(٦) أخرجه مالك (١٣٣٠)، عبد الرزاق (١٤١٤٢) بسند منقطع. وانظر: الإرواء (١٣٧٢).
(٧) أخرجه البخاري معلقًا (٣/ ٨٣).
(٨) انظر: التمهيد (٤/ ٦٢ - ٦٤)، البيان والتحصيل (٧/ ١١٠)، بداية المجتهد (٣/ ٢١٧، ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>