معتضد بأصل، فالرجعة غير محققة والتحريم وتشعث النكاح محقق، والحكم بالبينونة من مقتضيات الطلاق الذي لم يثبت ارتفاع أثره، فلا جرم قوي قول المرأة، وتأكد بأن الأصل في الأبضاع الحرمة، ولم يلتفت إلى ما يحققانه من العصمة قبل الطلاق؛ لتحقق ورود الطلاق عليه المفضي إلى البينونة ما لم يثبت الرجعة.
وأما هنا فلما تعارض التفرق والفسخ ولم يثبت سبق واحد منهما بعينه، ومعنا جواز العقد، ونمكن كل منهما من الفسخ مستصحب هذا غاية ما يظهر له في الفرق وهو بعيد، فإن الأصل دوام، والعقد سبب ظاهر في اقتضاء اللزوم، ولم يتحقق ما يرفعه، فالأصول متعارضة ليس فيه ما يتخيل إلا حرمة الأبضاع، فلعلة الفرق عنده، هذا كله إذا اتفقا على التفرق.
أما إذا اختلفا في التفرق وهي صورة ثالثة لم يشملها كلام المصنف، كما إذا جاءا جميعًا إلى الحاكم، فادعى أحدهما التفرق وأنكره الآخر ليفسخ، أو كان قد فسخ، فالقول قوله في إنكار التفرق مع يمينه؛ لأن الأصل عدمه، ولا خلاف نعلمه في ذلك.
قال الرافعي:"ولك أن تقول: هذا بين إن قصرت المدة، ولكنها إن طالت فدوام الاجتماع خلاف الظاهر، وإن كان على وفاق الأصل فلا يبعد تخريجه على الخلاف المشهور في تعارض الأصل والظاهر، والأصحاب لم يفرقوا بين الحالتين"(١).
قلت: وفي هذا نظر؛ لأنه إذا تعارض الأصل والظاهر، فكيف يقطع حق العاقد من الفسخ، وقد تحققنا من تمكنه منه، والظاهر المقتضي لرفعه معارض بالأصل، ويستصحب ما كان قبل ذلك، ولا يرفعه بالشك، وزاد ابن الرفعة على الرافعي، فقال: "إنَّ هنا ترجح قول من يدعي اللزوم؛ لأنه