للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: أن يتفقا على التفرق وصورة الفسخ، ويختلفا في السابق، فالأصل عدم التفرق قبل الفسخ، والأصل عدم الفسخ قبل التفرق، فهما أصلان متقابلان.

فقد يقال: إن وراءهما أصلًا آخر، وهو جواز العقد، ولم يتحقق انقطاعه قبل الفسخ؛ لأن تعارض الأصلين في تقدم التفرق على الفسخ وعكسه ألغى اعتبارهما فيتمسك بالأصل السابق، وهو جواز العقد ويقبل قول مدعي الفسخ، وهو نظير البحث الذي تقدم في القبض والتفرق، ورجحنا به قول مدعي الصحة فيما إذا اتفقا عليها.

وقد يقال: بأن ذلك معارض بأن الأصل دوام الملك، والعقد مقيض للُّزوم، ويؤول إليه بنفسه من غير احتياج إلى سبب جديد، فلو حكمنا بالفسخ لكنا قد حكمنا بالشك، وقطعنا الملك المستصحب وخالفنا ما اقتضاه العقد من اللزوم بلا دليل، وهذا بخلاف ما تقدم في القبض، فإن القبض في الصرف أمر وجودي لا بد منه لدوام الصحة والأصل عدمه.

والفسخ هنا أمر وجودي لا بد منه في ارتفاع العقد، فكان قياس القول بالفساد هناك القول باللزوم هنا، ولا جرم هو الذي صححه الرافعي (١) كما يدل عليه إطلاق كلامه، وهو الراجح لما قلناه.

واعلم بعد ذلك أمورًا: أحدها: أن المصنف لم يفصل بين هاتين الصورتين، وكذلك الماوردي (٢) والرافعي (٣) وغيرهم، وذكروا الوجهين والأصح على ما قاله الماوردي في باب الربا، وابن أبي عصرون أن القول قول مدعي الفسخ، وهو قول صاحب "التقريب" على ما حكاه


(١) فتح العزيز (٩/ ٢٤٦).
(٢) الحاوي الكبير (٥/ ٨٠).
(٣) فتح العزيز (٨/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>