للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعين، فإن وصل المقبض فعله بقول فذاك، وإن لم يصله بقولٍ، فلا يبعد أن يقول: لا بد من مخيلةٍ مملكة مشعرة بتسليط القابض، فإن التمليك بالمبهمات غير متجه" (١).

قال ابن الرفعة: وهذا النظر الذي وقع للإمام لا يندفع عن النفس، وكيف لا ونحن نشترط فيه ما نشترط في عقود التمليكات من العلم بالمقدار والصفات، حتى لا يصح قبض غير المرئي إذا لم نصحح بيعه. والله أعلم.

قلت: معرفة المقدار والصفة شرط في صحة القبض ومعرفة حال المقبوض أمر آخر منفك عنه، والكلام فيه بعد صحة القبض ووجود شروطه والإقباض ليس بتمليك، ألا ترى أنه لا يشترط فيه لفظه، ولا يثبت له حكمه، وإنما هو تعيين وكونه يثبت له ملكًا به في الأعيان ليس بمحذور، ولا موجب لوجود ما يدل عليه، وإنما يشترط ذلك في علم القابض لا في حكمه في نفس الأمر.

والذي نص عليه الشافعي من ذلك أنه إذا كان أحد الدينين برهن، والآخر بغير رهن، فالقول قول الراهن، نص عليه في "الأم" (٢)، و "المختصر والبويطي قال: والحجة في ذلك أنه أقر له بقبض ألف وادعى عليه أنها من غير الرهن، فلا أقبل دعواه في مال غيره إلَّا ببينة، كما لو أقر له بألف درهم، وذكر أنها قراض وقد عمل فيه، وقال رب المال: وديعة فالقول قول رب المال مع يمينه؛ لأن رسول الله قال: "الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" (٣).


(١) نهاية المطلب (٦/ ٢٣٦).
(٢) الأم (٣/ ١٩٦) بمعناه.
(٣) أخرجه الترمذي (١٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>