للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاف على أنه لا يشترط من الوكيل تصريح بالقبول، بل مجرد قول الدافع: "ادفع" تتضمن أني لا أقنع بيدك على حسب ما وكلك صاحبك، ولكني آمرك ابتداء بأن تسلمه إليه هذا ما نشأ منه التردد، وهو لا يفتقر إلى تصوير قبول.

فإن قلنا: لا يقع قبضه عن حكم توكيل موكله، فتلف في يده فذمة من عليه الدين مشغوله.

وإن قلنا: يبقى على حكم التوكيل بالقبض فتلف في يده كان من ضمان موكله وبرئ المؤدي (١).

قلت: الصواب الأول وأنه لم ينعزل، وإنما ألغى وكالتهما كما تقدم، ولو أبرأ مستحق الدينين المديون عن ألف، فإن قصد أحدهما أو قصدهما، فالأمر على ما قصد، وإن أطلق فعلى الوجهين، وسيذكره المصنف.

ولو اختلفا، فقال المبرئ: أبرأت عن الدين الخالي عن الرهن والكفيل، وقال المديون: بل عن الآخر، فالقول قول المبرئ مع يمينه، ولو كان بأخذ الألفين كفيل أو أحدهما حالًّا أو ثمن مبيع هو محبوس به، فقال: سلمته عنه، وأنكر صاحبه، فالقول قول الدافع، كما لو كان أحدهما برهن، والآخر بغير رهن.

والأصل في هذا الفصل كله، أن الاعتبار في أداء الدين يقصد المؤدي حتى لو ظن المستحق أنه يودعه عنده، وقصد من عليه أداء الدين تبرأ ذمته، ويصير المؤدي مِلْكًا للمستحق اتفقت الأئمة على هذا، قال الإمام: "وفيه أدنى نظر عندي، فإن الإقباض شرط التمليك، وكَلَ مَنْ عليه الدين إذا أداه، فكأنه يملك القابض، ويثبت له في الأعيان ملكًا فإن حقه لم يكن متعلقًا


(١) نهاية المطلب (٦/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>