حيث قلنا: يغرم للمقر له على الأصح؛ لأن الحيلولة هناك بالرهن وهنا الرهن سابق.
وإذا قلنا بالقبول: فقياس ما سبق أن يأتي الخلاف في تحليفه، وحيث قبلنا قوله بيع في الجناية، وهل يغرم للمرتهن؟ سبق عن ابن كج أنه يغرم.
قال ابن الرفعة: والأشبه أن يقال: إن قلنا: قبول إقراره مفرع على قبول إقراره بجناية قبل الرهن من غير أولوية، فيجب عليه الغرم إلحاقًا لتفويت دوام اليد بتفويت أصل الرهن كما لأجل ذلك سوينا بين الصورتين في قبول الإقرار وعدمه.
وإن قلنا: قبول إقراره هنا يقول به مع القول بأنه لا يقبل إقراره بجناية قبل الرهن، لأجل عدم المناقضة بين الإقرار وما سلف. ولم يقم لمناقضة الإقرار بالجناية للازم الرهن المتقدم والإقباض وزنًا فهاهنا يظهر ما إذا قبلنا إقراره لا يغرم للمرتهن شيئًا.
قلت: والأظهر أنه لا يغرم للمرتهن شيئًا مطلقًا، سواء خَرَّجناه على الإقرار بجناية سابقة أم لا، فإنّا إذا قبلنا إقرار الراهن بجناية سابقة بيمين أو بغير يمين لم يقل أحد أنه يغرم للمرتهن شيئًا، وإنما قالوا ذلك إذا نكل فحلف المرتهن على وجه ضعيف؛ لأن اليمين المَرْدودة من المرتهن على عدم الجناية كإقرار الراهن بعدمها، وأنه كاذب في إقراره بها أو لا، وقد انتزعنا العين فيغرم للمرتهن بمقتضى إقراره الآن الموجود في ضمن اليمين المردودة إن انتزاعها ظلم، فأين هذا من تغريمه له إذا لم تجر مناقضة في الإقرار، ولم يرد على الإقرار بجناية، فهذا الذي أشار إليه ابن الرفعة من تغريم الراهن للمرتهن على تقدير قبول قوله في الإقرار بجناية سابقة لم يقله أحد من الأصحاب.