للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الثمن باقيًا على ملك المشتري.

وقال ابن الرفعة: عندي فيه وقفة على قولنا: يصح بيع الجاني بدون إذن، وعلى قولنا: لا يصح بدون إذن، أما الأول: ففي دعوى الإجماع على عدم تعلق حق المجني عليه بالثمن، فإن الإمام حكى في كتاب العتق عن الشيخ أبي علي أن الوارث إذا باع التركة وعلى المورث (١) دين صح البيع وتعلق حق الغرماء بالثمن، وهذا لا يمكن أن يصار إليه على قولنا: تعلق الدين بالتركة تعلق رهن؛ فتعين أن يكون على قولنا: إنه كتعلق جناية، وحينئذ طرده في كل عبد جنى، ومنه ما نحن فيه، وتنتفي صحة دعوى الإجماع فيما نظنه.

وأما الثاني: فلأن حق المجني عليه متعلق برقبة العبد، وقد وضع المشتري يده عليه بغير حق بزعم المرتهن، وهي حائلة بين المرتهن وحقه، فله أن يأخذ من ماله بطريق الظفر، قدر قيمته؛ لأجل الحيلولة؛ لأن حقه متعلق بالقيمة المأخوذة للحيلولة إذا غصب المرهون وتعذر رده، فكذلك هاهنا، والثمن مال المشتري، والمرتهن معترف بأنه باقٍ على ملك المشتري، وكذلك المجني عليه، فاقتضى لك تسليط المجني عليه على أخذ قدر أرش جنايته منه بطريق الظفر لا بطريق وفاء الحق، وستعرف مثل ذلك للأصحاب في كتاب الضمان والحوالة إن شاء الله تعالى.

قلت: والذي قاله صاحب "التقريب" قد رأيته منصوصًا في "الأم" (٢) في الرهن الكبير في باب إقرار العبد المرهون بالجناية قال: "وإذا أقر العبد المرهون على نفسه بأنه جنى جناية خطأ على غير سيده وصدقه المرتهن


(١) في الهامش: كذا: الوارث.
(٢) الأم (٣/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>