قلت: لا شك أن الخلاف في قبول قول الراهن مطلقًا في حال يساره وعسرته بيمين أو بغير يمين يأتي على القول الثالث، وفارق إعتاق الراهن وإن كان مشبهًا به؛ لأن ذاك إنشاء لا يحتاج إلى التقوية باليمين، وهذا إقرار يحتمل الصدق والكذب فاحتاج إلى تقويته باليمين، وعند حلفه يبعد أن يغرم للمرتهن، وقد أثبت بطلان الرهن بيمينه، وإذا نكل من طريق الأولى.
ولأجل هذا لم يتعرض الأصحاب لذكره فيما عدا العتق، وتعرضوا له في العتق إقامة للإقرار مقام الإنشاء، وإن كان ولا بد من اعتباره في غير العتق، فليكن في حال أفضى الحال فيها إلى غرامة القيمة، فكأن قائله يقول: إذا أفضى إقراره إلى نزع العين من المرتهن، فإن كان معسرًا لم تنزع، وإن كان موسرًا انتزعت.
فرع
هذا كله في النزاع في جناية سابقة للرهن أو القبض، أما الجناية المتأخرة عن لزوم الرهن فإذا أقر المرتهن بها ووافقه العبد أو لم يوافقه، لم يقبل قوله على الراهن، بل القول قول الراهن مع يمينه.
وإذا حل الحق بيع في دين المرتهن بأن يطلب الراهن، فيمتنع المرتهن من الإذن، فيأذن الحاكم نيابة عنه، أمّا طلب المرتهن فيظهر أنه ممتنع لإقراره بأن حق المجني عليه مقدم عليه، فإذا بيع ألزم المرتهن بأخذ دينه من ثمنه، أو الإبراء كما في نظائره، وإذا أخذه لم يلزمه تسليمه إلى المجني عليه، وليس للمجني عليه مطالبته به بحكم إقراره السابق.
كذا قاله صاحب "التقريب"، وادعى الإجماع عليه، وتلقاه الأصحاب عنه واحتجوا بأن العبد إن لم يكن جانيًا فلا حق فيه لغير المرتهن، وإن كان جانيًا، فلا يصح بيعه للمرتهن لتعلق حق المجني عليه، وإذا لم يصح بيعه