ذلك قبل التخمر، فقد اقتضى كلام القاضي حسين أنها تصير غير محترمة، وفيه نظر؛ لأنه قصدٌ مجردٌ عن فعل، فيلتحق بالقصود التي رفع الشارع حكمها ما لم يتصل بها المقصود إلا أن يقال: إن الإمساك مع هذا القصد كافٍ، كما يكفي قصد القنية مع الإمساك في قطع التجارة، وليس كقصد الخيانة في الوديعة، فإن الخيانة فعل مقصده لا يحققه.
والخمرية هنا صفة تحصل للعصير، وإنما من القاصد القصد والإمساك، فلذلك تصير بالقصد الحرام غير محترمة، وقياس هذا أن هذا القصد لو طرأ بعد العصر وقبل وضعها في الدن أن تكون كذلك غير محترمة.
المرتبة الرابعة: لو لم يقصد شيئًا إلى أن تخمر، فالأصح: أنها محترمة. والثاني: أنها غير محترمة.
وتلخص لك أن المحترمة على الأصح ما لم يقصد بها الخمرية قبل التخمر، وعلى الوجه الثاني ما قصدت خلّيتها قبل التخمر، وغير المحترمة على الأصح ما قصدت خمريتها قبل التخمر، وعلى الوجه الثاني ما قصدت خمرتيها ولو بعد التخمر هذا كله إذا لم يوجد قصد في الحالة الأولى، ووجد فيما بعدها، فلو وجد قصد في حالة ثم قصد ضده فيما بعدها، فقد ذكر القاضي حسين ما نصه: أما الخمر المتخذة بنية الخل بأن صب العصير في الدن بنية الخل أو صب العصير في الدن بنية الخمر، ثم قبل أن يصير خمرًا نوى إمساكها للخل، فإذا صارت خمرًا يحل إمساكها، ولا يجوز إراقتها، لكنها نجسة لا يحل شربها وبيعها، ولا ضمان على من أراقها وإن خللها بالمعالجة فوجهان. انتهى.
فقد دخل فيما ذكره من ضابط الخمر المحترمة أن يصب العصير في الدن بنية الخمر، ثم قبل أن تصير خمرًا ينوي إمساكها للخل، وقياس هذا أنه لو