للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكور، فإن قلت: وكلام الإمام يرشد إلى الثاني.

قلت: لا وإنما يصلح أن يكون مكملًا له؛ لأن مَن ورد عليه ذلك قد يقول: إن المانع أنه لو قيل بطهارة عينها؛ لكانت متنجسة بالعين المطروحة فيها وهي من المائعات التي لا يمكن تطهيرها، فلا يبقى للحكم بطهارة عينها فائدة.

فأجاب الإمام عن كونها تصير متنجسة: بأن العين المطروحة أيضًا تطهر بانقلاب ما لاقاها من النجاسة (١)، والماوردي يحتمل أن يوافق على هذا الجواب، ويحتمل أن يمنع؛ لأن العين المتنجسة لا تطهر إلا بالماء، وإنما قلنا بطهارة الدن للضرورة، وعلى هذا التقدير قد يختلف الحكم في الحكم ببقاء نجاسة عين الخمر المتخللة، أو بتنجيسها إذا صب عليها ماءً كثيرًا، وقلنا بطهارة الغسالة، كما أبداه الرافعي في "الشرح الصغير" احتمالًا، وإن كان المنقول أن المائع - غير الدهن - لا يطهر من غير خلاف نعلمه.

والقدر المستفاد هنا من كلام الماوردي معرفة أن نجاسة العين باقية على العلتين، وهو الظاهر من كلام الأصحاب وفحواه، وقد كنت قلت في "شرح المنهاج": إن في التعليل بالنجاسة نظرًا يتلقى مما قدمناه عن النووي في زوال التغير بالتراب، أعني: قوله: "إذا زال التغير بالتراب لا يعطي الماء حكم المتغير بتراب متنجس؛ لأن نجاسة التراب نجاسة مجاورة للماء النجس، فإذا زالت نجاسة الماء طهر التراب والماء جميعًا؛ لأن عينه طاهرة" (٢).

وكلام الإمام هنا يؤيد ما قاله النووي في التراب، وكلام الماوردي يزيل


(١) نهاية المطلب (٦/ ١٥٦) بمعناه.
(٢) المجموع (١/ ١٣٥) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>