للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدبغ المخصوص، وهما غيران، وأما التخليل فإنه من حيث هو تخليل حرام فلا يمكن أن يكون سببًا في الحل، وأورد أن التخليل لم يحرم لعينه من حيث هو تخليل، ولكن لما فيه من تأخير الإراقة الواجبة.

وأجيب: بالتمسك بالحديث؛ لأن النبي أمر بالإراقة ومنع التخليل، وهما حكمان، فقد ظهر أن هذه العلة مستقيمة سالمة مما يرد عليها.

وأما التعليل بالنجاسة، فقال الإمام: "لا معنى لتنجس العين إلا باتصال الخمر بها، وإلا فجوهر تلك العين الواردة على الخمر طاهر، فإذا انقلب الخمر خلًّا، فمن ضرورة ذلك أن تنقلب تلك الأجزاء التي لاقت العين الواردة على الخمر" (١).

والماوردي أفسد التعليل المذكور أيضًا بطريق آخر وهو "أن الماء ينجس بملاقاة النجاسة في محلها، وهو لا يمنع من إزالة حكمها، والشب والقرظ في الدباغ ينجس بملاقاة جلد الميته ولا يمنع من تطهيره، فما المانع من أن يكون ما يلقى في الخمر من الخل وغيره كذلك" (٢). انتهى.

وكلام الماوردي هذا ينبه على شيء لا بد من التنبيه له، وهو أنا إذا قلنا: لا يطهر الخمر بالتخليل؛ فمعناه عند من علل بتحريم التخليل، لا شك أنه دوام نجاسة عينها.

وأما عند من علل بنجاسة المطروح، فهل معناه كذلك أيضًا، وأن حالها لم يتغير، وهي نجسة العين، أو أنها طهرت عينها بالانقلاب وصارت متنجسة بالعين المطروحة فيها؟

كلام الماوردي الذي حكيناه يرشد إلى الأول، وإلا لما حسن الرد


(١) نهاية المطلب (٦/ ١٥٦) بمعناه.
(٢) الحاوي الكبير (٦/ ١١٤) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>