والوجهان بناهما القاضي حسين، والغزالي، على العلتين في بقاء النجاسة إذا خللت بطرح شيء فيها. إن قلنا: العلة تحريم التخليل فهو نجس، وإن قلنا: نجاسة المطروح، فهو طاهر.
والغزالي يرى التعليل بنجاسة المطروح، وكذلك الرافعي على ما ظهر في كلامه، فلا جرم، صححا الطهارة، وكذلك الشيخ أبو حامد ومقتضى تضعيف القاضي حسين والإمام لهذه العلة أن يكون الأصح عندهما أنه لا يطهر، كما صححه ابن أبي عصرون.
لكن الإمام قال:"لا حاجة إلى البناء فإن علة النجاسة باطلة قطعًا، وتوجيه الوجهين في التشميس يهون من غير بناء، فأحد القائلين يتمسك بقصد التخليل المحرم.
والثاني: بأن الخمر تحل اعتبارًا بالإمساك" (١)، يعني: يكون كما لو أمسكها لتصير خلًّا فتخللت بنفسها.
وقد سبق فيها وجهان؛ والأصح منهما: أنها تطهر، ولك أن تفرق أنه إذا أمسكها فتخللت بنفسها فالحرام الإمساك، وهو منفك عن سبب التخليل، فلذلك يقول بالطهارة؛ لأنها تخللت بنفسها.
وأما التشميس، فهو سبب مصيرها خلًّا، وهو صنعة آدمي فمن جعل العلة عند الطرح فعل الآدمي، يلزمه أن يقول بالنجاسة هنا، والحق البناء على العلتين، ويجب عليك أن تنظر في الأصح من العلتين، أما تحريم التخليل فقد أورد عليه أنه لو دبغ بآلة مغصوبة طهر الجلد، وكذا لو دبغ جلد الغير بغير إذنه الفعل حرام، ويحصل به التطهير.
وهذا الإيراد ضعيف؛ لأن المطهر الدبغ من حيث هو دبغ، والحرام هذا