وذكر الحناطي في غير المحترمة وجهًا: أنه لو أمسكها حتى تخللت لم تحل ولم تطهر؛ لأن إمساكها حرام فلا تستفاد به نعمة.
وذكر القاضي حسين:"أنه إن أمسكها لتصير خلًّا، فمرتب على ما لو عرض للريح والشمس إن قلنا هناك: يحل فهنا أولى، وإلا فوجهان؛ لأنه فعل ضعيف، وأنه قصد مصيره خلًّا، وإن أمسكها لتزداد قوتها، فصارت خلًّا فمرتب على ما لو أمسكها لتصير خلًّا إن قلنا هناك: لا يحل فهنا أولى، وإلا فوجهان، والفرق أنه قصد ما هو مباح وهنا قصد محظور". انتهى.
وعلى كل تقدير الإمساك حرام والإراقة واجبه على الفور بلا خلاف أعلمه، وإنما الخلاف في الطهارة، ففيما إذا قصد بالإمساك الخل وجهان؛ لأن الإمساك وإن كان محرمًا، فهو لغرض مباح، وإذا أمسك لا لقصد شيء أصلًا فيأتي فيه وجه الحناطي، ويظهر أنه مرتب على قصد الخل، وأولى بعدم الطهارة، وإذا قصد قوة الخمرية فتخللت فمرتب على ذلك وأولى بعدم الطهارة وتحريم الإمساك ثابت في الجميع.
وأما قول الغزالي في "الوجيز"(١): "والتخليل بإلقاء الملح حرام، وبالإمساك غير حرام، وكذا بالنقل من الظل إلى الشمس على الأصح"، فقد تكلم الرافعي عليه وقال: "إن قوله: والإمساك غير حرام لا يمكن إجراؤه على إطلاقه؛ لأن الإمساك حرام في غير المحترمة والإراقة واجبة، والكلام في أنه لو اتفق الإمساك، وتخللت لم تطهر هذا هو المشهور، والذي في طريقة الصيدلاني من تجويز الإمساك على قصد أن تصير خلًّا وعدم وجوب الإراقة، فهو مما يستغرب، فإذا هو مخصوص بالمحترمة