للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعجالًا للخل، فصار خلًّا فهو طاهر؛ لأن حبات العنقود تتشرب الماء، وهو طاهر" (١). انتهى ما قاله في "الفتاوى" وتسويته بينه وبين إلقاء الماء في العصير؛ يقتضي أن القائل بعدم الطهارة إذا ألقى الماء في العصير يقول به في العناقيد، ولكنا نفرق بينهما بما سبق، فإن صحت التسوية بينهما، فعلى هذا ليس لنا خل عنب طاهرًا يقينًا، إلا إذا صفِّي من عناقيده قبل التخمر بحيث يبقى مائعًا صرفًا ليس فيه شيء من الحبات ولا من العروق، فهذا هو الذي يطهر إذا استحال بنفسه يقينًا.

ومسألة العناقيد هذه لم أرها منقولة في غير "فتاوى القاضي حسين"، وإنما المنقول المشهور ما قاله القاضي حسين وغيره، أن العناقيد إذا استحالت أجواف حباتها خمرًا، ففي جواز بيعها اعتمادًا على طهارة ظاهرها في الحال، وتوقع فائدتها في المال وجهان، المذهب: المنع وطردوهما في البيضة المستحيل باطنها دمًا، ولما أبدى القاضي احتمال جواز البيع ألزم النجاسة، فلم يجب.

قال الإمام: "وهذا عظيم، فإن متضمنها الخمر الشديدة، ولا يليق بقاء عدتنا أن يُنفى حكم النجاسة عما في بطنها، ثم نقول: لو اعتصرت صارت نجسة، والانفصال لا يثبت النجاسة، وهذا يوافق قول أبي حنيفة أن الدم في العروق في خلل اللحم ليس نجسًا، وإذا سفح اكتسب النجاسة، ولا خروج للبيع إلا على طهارة الظاهر" (٢)، وفائدته المنتظرة عند التخلل.

ولهذا علل به الغزالي والرافعي (٣) وأضربا عن التوقف في نجاسة


(١) انظر: الغرر البهية للسنيكي (١/ ٤٩).
(٢) نهاية المطلب (٦/ ١٥٩) بمعناه.
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>