للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى صار خلًّا لا يطهر؛ لأن ما شربه الثوب لا يطهر؛ إذ لا ضرورة إليه بخلاف أجزاء الدن وفيها: "أنه إذا ألقى فيها حجر صلب أو حديدة ينبغي أن تطهر، ولو صب في العصير قطرة خمر تنجس، فإذا صار خمرًا ثم عاد خلًّا لا يطهر كما لو وقعت فيه شعرة، وكذا إذا أخرج الخمر من الدن ثم صب فيه عصير، فتخمر ثم تخلل، ولو نقل الخمر من محل إلى محل، أو فتح رأسه استعجالًا أو صبه من دن إلى دن" (١).

واعلم أن خمر العنب قد يشتمل على عناقيده، والعناقيد ليست جزءًا من الخمر، فهي مجاورة للخمر متنجسة به، فينبغي إذا تخللت تكون في طهارتها خلاف، كما قدمه القاضي أبو الطيب في الآجرَّة الجديدة، وكما قدمناه في طرح البصل ونحوه في العصير.

وقد تقدم عن صاحب "التهذيب" (٢) أن الأصح أنه لا يطهر إلا أن يقال: إن بقاء العناقيد لها صلاح للخل، فلا يضر بقاؤها للحاجة إليها، وهذا المعنى في الحبات أظهر؛ لأن فصلها عند العصر يذهب جزءًا من العصير مع ما في فصل العناقيد والحبات من المشقة، التي تبعد اعتماد الناس لها مع عموم الحاجة إلى الخل، وما زالت الناس في سائر الأعصار يتبايعونه، ولم ينقل توقفهم في ذلك، فالأقرب الحكم بالطهارة، وإن وجدت العناقيد والحبات ويحتمل على بعد أن يقال بخلافه.

وقد صرح القاضي حسين في "الفتاوى" بطهارتها فقال: "لو أدخل العنب مع العناقيد في الدن، وصار خلًّا يكون حلالًا وليس كالمعالجة، وكذا لو صب الماء في العصير استعجالًا للخل أو عصر العنب، فصب فيه الماء


(١) انظر: فتاوي ابن الصلاح (٢/ ٥٨٤).
(٢) التهذيب (١/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>