للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام يظهر أن الأَوْلى تمكين المرتهن من المخاصمة عند امتناع الراهن، فهذا هو المختار، وليس هذا مخالفًا لنص الشافعي أن الخصم هو الراهن؛ لأن ذلك في أصل الحق، وعند الامتناع لم يقف للشافعي على نص، بل صاحب "التهذيب" نقل قولين، والمخاصمة هي القياس وإلا لضاع الحق، ولعل الجمهور حيث أطلقوا أن المخاصم هو الراهن لم يريدوا هذه الصورة، وإنما أرادوا خلاف أبي حنيفة، كما أطلقه الشافعي في "المختصر" (١).

وهكذا في الإجارة إذا غُصبت العين وتقاعد المالك عن المطالبة المختار أن للمستأجر المخاصمة، ومحل الخلاف في مخاصمة المستأجر فيما إذا غصبت العين، أما إذا جُني عليها، فلا حق للمستأجر في البدل، فلا مخاصمة له قولًا واحدًا، والخلاف في المرتهن في المسألتين إذا غُصبت وإذا جُني عليها.

وفي الرافعي في الدعاوى عن "فتاوى القفال" وغيره: "أنه إذا غُصب المرهون من المرتهن كان لكلٍّ من الراهن والمرتهن أن يدعيه على الغاصب" (٢)، وهذا مخالف ما تقدمت حكايته عن القفال، فإن كان عنه، فلعله اختلف قوله، وقد احتج لعدم المخاصمة بأنه يثبت الملك للراهن، وليس بوكيلٍ عنه ولا وليٍّ.

وجوابه: أن هذا جاء ضمنًا للضرورة، كما في دعواه على الراهن إذا كان هو الجاني.

قلت: غرماء المفلس عند تكاسله عن المطالبة بما له من المال على


(١) مختصر المزني (٨/ ١٩٥).
(٢) فتح العزيز (١٣/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>