بجواريه إلى ضيفانه، فلينهض مذهبه شبهة في درء الحد، والمذهبُ الأوَّلُ، وما نقل عن عطاء يبعد صحته عنه، وعلى تقدير صحة نقله ليس شبهة لضعفه؛ لأن الحد لا يدرأ بالمذاهب، وإنما يُدرأ بما يتمسك به أهل المذاهب من الأدلة، وليس لعطاء في هذا متمسك، وإن جهل التحريم سقط الحد، ومتى تقبل دعواه الجهل فيه وجهان: أحدهما: لا تقبل إلَّا أن يكون حديث عهد بالإسلام أو من في معناه، كما في الحالة الأولى عند عدم الإذن، وهذا اختيار الشيخ أبي حامد، وأصحهما: أنه يُقبل ويدفع الحد عنه وإن نشأ بين المسلمين؛ لأن التحريم بعد الإذن لما خفي على عطاء ﵀ مع أنه من علماء التابعين لا يبعد خفاؤه على العوام، وهذا اختيار القاضي أبي الطيب وقال: إن الأول غلط مخالف لنص الشافعي؛ لأنه قال عند الإذن:"وكان يجهل درء عنه الحد"، وقال عند عدم الإذن:"لا أقبل دعواه الجهل إلَّا أن يكون … " إلى آخره (١)، وهذا نص في الفرق بين المسألتين، قال ابن الصباغ: وهذا عندي مختلف باختلاف حالٍ على حسب ما نعرف من حاله من غفلته وتنبيهه. انتهى.
ولو اعتقد الإباحة كعطاء، فهل تحريمه فيه الخلاف في درء الحد، قال ابن الرفعة: يشبه أن يكون فيه خلاف مأخذه من قول بعض أصحابنا أن الحنفي إذا شرب النبيذ لا يُحدُّ ويُحدُّ بشربه الشافعي.
قلت: إن قلنا بما قاله القاضي أبو الطيب وهو الأصح، فلا حدَّ؛ لأنه إذا انتفى عند الجهل، فعند اعتقاد الإباحة أولى، وإنما قلنا بما قاله الشيخ أبو حامد، فيأتي ما ذكره ابن الرفعة، ويكون الأصح وجوب الحد.
وإذا اندفع الحد في أي صورة كان من هذه الصور، فهل يلزمه المهر؟