للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأنهما رأيا في القرض أنه لو انتفع لكان قرضًا جرَّ منفعة، وهو كما كره بعضهم قبول المقرض هدية المقترض، وعندنا يجوز فلذلك يجوز الانتفاع بالرهن بإذن صاحبه.

فرع: فلو وطئ الجارية المرهونة، فإن كان بغير إذن المالك، فكما لو وطئ غير المرهونة إن ظنها زوجته أو أمته، فلا حدَّ وعليه المهر، والولد حرٌّ نسيب، وعليه قيمته للراهن، وإن لم يظن ذلك ولم يدع جهلًا فهو زانٍ يلزمه الحدُّ، كما لو وطئ المستأجر الجارية المكتراة، ويجب المهر إن كانت مكرهة أو جاهلة أو نائمة بلا خلاف، وإن كانت عالمة مطاوعة لم يجب في الأصح المنصوص، وإن ادعى الجهل بالتحريم لم يُقبلْ إلَّا أن يكون حديث عهدٍ بالإسلام، أو نشأ في بادية بعيدة عن علماء المسلمين، فيقبل قوله لدفع الحد، عن المسعودي حكاية خلاف في قبوله لثبوت النسب (١)، وأخرى مثله في حُرِّيَّة الولد ووجوب المهر، والأصح ثبوت الكل؛ لأن الشبهة كما تدرأ الحد تثبت النسب والحرية، وإذا أسقط الحد وجب المهر، وما ذكرناه من وجوب الحد إذا لم يكن شبهة ولا جهل نقل عن الشافعي (٢) نقل الإجماع عليه، وعن أبي حنيفة أنه أسقط الحدَّ لشبهة كونها مرهونة (٣)، ولم يقل أحد من المسلمين بحل الوطء، وإن اختلفوا في شرب اللبن وركوب الظهر، وإن وطئها بإذن الراهن فإن علم التحريم لزمه الحد على الصحيح، والثاني لا؛ لأنه قد قيل: إن عطاء بن أبي رباح كان يجوِّز إعارة الجواري (٤)، والوطء بإذن المالك، وكان يبعث


(١) انظر: فتح العزيز (٤/ ٥١١).
(٢) الأم (٣/ ١٤٩).
(٣) انظر: تبيين الحقائق (٣/ ١٧٧).
(٤) انظر: نهاية المطلب (٦/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>