للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا كانت مطاوعة فلا؛ لانضمام إذن المستحق إلى طواعيتها، وأما إذا كانت مكرهة، فقولان: أحدهما: لا يجب؛ لأن مستحق المهر أذن، فأشبه ما لو زنت الحرة، وأصحهما، وبه قال أبو حنيفة: "يجب" (١)؛ لأن وجوب المهر حيث لا يجب الحد حق الشرع، فلا يؤثر فيه الإذن، كما أن المفوضة تستحق المهر بالدخول مع تفويضها، ولو كانت جاهلة أو نائمة، فكما لو كانت مكرهة، وذكر الجرجاني المكرهة والنائمة وصحح فيهما عدم وجوب المهر على خلاف ما صححه الأكثرون، ولم يحك أحدٌ فيما إذا كانت مطاوعة هنا خلافًا كما حكوه فيما إذا كان الوطء بغير إذنٍ، إلَّا أن صاحب "البيان" حكى عن الشيخ أبي حامد وابن الصباغ "أن في المطاوعة لا يجب المهر قولًا واحدًا، وفي المكرهة قولان، وأن الشيخ أبا إسحاق أطلق القولين؛ أحدهما: يجب؛ لأنه وطء في غير ملك فيسقط الحد فأوجب المهر، والثاني: لا؛ لأنه حق آدمي أسقطه" (٢)، وقال صاحب "الاستقصاء": إن سائر أصحابنا ذكروا قولين ولم يفصلوا بين أن تكون مكرهة أو مطاوعة، والقول بالوجوب مذهب أبي حنيفة، ولو كان قد أولدها بوطئه، فالولد حرٌّ نسيب، وفي وجوب قيمة الولد طريقان؛ أحدهما أنه على القولين في المهر، وأصحهما الوجوب جزمًا، والفرق أن الإذن في الوطء رضًا بإتلاف المنفعة جزمًا، وليس رضًا بالإحبال جزمًا، وأيضًا فالإذن لا أثر له في حرية الولد، وإنما الموجب لها ظن الواطئ فحسب، ولا تصير الجارية أم ولد للمرتهن بحال، فإن ملكها يومًا من الدهر ففيه قولان؛ إذا كانت الصورة صورة ثبوت النسب وهذه قاعدة كل موضع علقت بمملوك لا


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٢٩٥).
(٢) البيان (٦/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>