للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما إذا شرط أن يكون ثمنه رهنًا، فيمكن أن يقال: هما مسألتان، إن شرط كونه رهنًا، فهو تأكيد لما قلناه، وكلام القاضي حسين لا يخالفه، وإن شرط جعله رهنًا ففيه القولان، وكلام المصنف لا يخالفه.

فإن قلتَ: قد قدمت أن محل القولين في كلام الشافعي إذا شرط كون ثمنه رهنًا، وقلتَ: إنه لا فرق بين ذلك وبين شرط جعله رهنًا.

قلت: نعم ذلك في المؤجل؛ لأنه كون ثمنه رهنًا غير مستحق، فإذا شرطه جرى فيه القولان، كما نصَّ عليه، ويؤخذ منه جريان القولين إذا شرط جعله رهنًا، والدين مؤجل أيضًا؛ لأنه أيضًا غير مستحق، ويحتمل أن تقطع فيه بالبطلان، أما الحالُّ فشرط كونه رهنًا لا يزيد على ما اقتضاه بيع الرهن، فيصح ويكون تأكيدًا، وشرط إنشاء رهن عليه، هو الذي خرَّجه القاضي حسين على القولين ولكن تعليله ليس بالواضح، والتخريج في نفسه محتمل أن يُوافق عليه؛ لأن إنشاء الرهن لا يجب، فصار كما لو شرط في المؤجل أو تعلل المنع بأنه شرط شيء لا يجب، ولا فائدة فيه الجواز بأن مقصوده كونه رهنًا، فيكون تأكيدًا، ولو أذن في الإعتاق أو الإحبال بشرط أن يجعل القيمة رهنًا جرى القولان، ولا فرق هنا بين أن يكون الدين حالًّا أو مؤجلًا؛ لأنه لا ثمن يتعين لوفاء دين المرتهن، فلم يبق إلَّا نقل الوثيقة من العين إلى قيمتها.

واعلم أنا قلنا: إذا شرط في البيع رهنًا لا يجب الوفاء به، بل إذا امتنع فللبائع الخيار، وهنا إذا أذن في البيع بهذا الشرط وقلنا بصحته، فعبارة الرافعي "أن على الراهن الوفاء بالشرط" (١)، وعبارة الشافعي والماوردي: "كان الثمن رهنًا" (٢)، وهي مبنية على أن الشرط أن يكون رهنًا، وعبارة


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٩٥).
(٢) الحاوي (٦/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>