للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرافعي مبنية على أن الشرط أن يجعله رهنًا، وعلى هذا كان قياس ما قلناه في شرط الرهن أن يقال هنا في هذه الصورة إذا لم يوف بالرهن يثبت للمرتهن الخيار، ويتسلط على فسخ البيع، إلَّا أنه بعيد أن يتسلط غير المتبايعين على الفسخ، والرافعي لم ينفرد بهذه العبارة، بل قالها غيره، والذي يُفهم من كلامهم أنه يُجبر على جعله رهنًا، ولعلهم تسمحوا في العبارة وأرادوا ما قاله الشافعي من كونها تصير رهنًا، وأن الشرط ذلك، ويبينه أن الرافعي ذكر المسألة عند الكلام فيما إذا أذن المرتهن للراهن أن يصالح عن أرش الجناية، وقال: "إنه مرَّ أنه إذا أذن بشرط يكون الثمن رهنًا، ففي كونه رهنًا قولان" (١)، وهذا كعبارة غيره، فُعلِم أن عبارته هنا غير محرَّرة، وأن مراده منها ما ذكره هناك، ولو عكسنا، وحملنا كلامه هناك على ما قاله هُنا لصح، ولكن يخالف كلام الشافعي هذا في البيع، وأما في العتق والإحبال، فلا يتخيل خيارٌ وينحصر الأمر في صيرورة القيمة رهنًا على عبارة الشافعي (٢)، أو في وجوب الوفاء برهنها على عبارة الرافعي (٣) وصيرورتها رهنًا له شاهدٌ في نقل الوثيقة وفي بيع ما يتسارع فساده، وأما وجوب رهنها، فلا شاهد له على أن في الاستشهاد بنقل الوثيقة إشكالًا آخر من جهة أن نقل الوثيقة عقد ناجز اقتضى تبدل محل الرهن، وهنا اشتراط ذلك، ويحصل التبدل عند البيع بغير عقد، وكأنه نزل اشتراط المرتهن وتصرف الراهن بمنزلة العقد، وكل هذا أدى إليه القول بصحة الشرط، وهو مما يدل على ضعفه، ولذلك الأصح عند الأصحاب البطلان، وشذَّ ابن أبي عصرون، فصحح الصحة، واتفقوا على أنا إذا صححناه جعلنا


(١) فتح العزيز (٤/ ٥١٤).
(٢) الأم (٣/ ١٤٨).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>