وقد نقل الشيخ أبو حامد عن ابن أبي هريرة: أن ذلك من ناحية العلة، والمعنى، فعلى هذا لم يُبن المطلق على المقيد هنا؛ لأنه لا علة تجمع بينهما، وهذا الذي نقله عن ابن أبي هريرة غريب في الأصول في المقيد بقيد واحد متحد السبب، والمعروف المشهور ذلك فيما إذا اختلف السبب أو قيد بقيدين مختلفين.
ولكن الشيخ أبا حامد نقله هنا وبنى عليه الجواب، وإليه جنح الغزالي في "المأخذ"، قال الغزالي: وكيف يستبعدون ذلك، وقد قال رسول الله ﷺ:"مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ"(١).
فألغوا هذا التقييد وألحقوا به غير المؤبر، لمَّا أن اعتقدوا أنه في معناه، ولم يبالوا بالتقييد الملفوظ به، ولم يتجه لهم في تلك المسألة حمل التقييد على محمل، وقد اتجه لنا في هذه المسألة حمله على التنبيه كما تقدم.
قلت: وهذا يصلح أن يكون جوابًا على تقدير أنها زيادة ثابتة أيضًا، وربما تعلقوا بأنه وأن لم تثبت هذه الزيادة فهي مرادة بالأحاديث المطلقة بدليل قوله:"وَتَرَادَّا"، والتراد لا يكون إلَّا مع قيام السلعة.
والجواب: أن هذا اللفظ أيضًا لم يثبت، والثابت من الأحاديث ليس فيه ذلك، وقد تقدم بيانها أول الباب، وبتقدير ثبوته، فالتراد موجود في بدل التالف، وأما الجواب عن المقدمة الثانية، فببيان أن التحالف غير خارج عن القياس، بل هو على وفق القياس للأقيسة التي ذكرناها، وهذا موضع يجب الاعتناء به والتمهل فيه، فإنهم يزعمون أن المدعي حقيقة هو البائع؛ لأنه موافق المشتري على انتقال الملك إليه، ويدعي زيادة في الثمن، والمشتري مُدَّعىً عليه فحسب؛ لأنه لا يدعي على البائع شيئًا، فكان القياس أن الثمن مقصوده على المشتري، لكنا حلفنا البائع للحديث، على خلاف القياس في