للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحل الذي ورد فيه، وهو حال قيام السلعة، فلا تعدية إلى غيره.

ومحل هذا الكلام إذا كان المبيع مقبوضًا بيد المشتري حتى يكون مدعى عليه فقط، أما لو كان قبل القبض فكل منهما مدَّعٍ ومدَّعىً عليه، فيتحالفان بالقياس لا بالحديث وحده؛ لأن البائع مدعي تسليم الثمن، والمشتري مدعي تسليم المبيع.

فالأحوال أربعة قبل القبض، والسلعة قائمة يتحالفان على وفق القياس، وقبل القبض والسلعة تالفة لا تَحالف؛ لأنه انفسخ العقد، وهاتان الصورتان متفق عليهما، وبعد القبض والسلعة قائمة يتحالفان بالحديث على خلاف القياس عندهم، وعلى وفق القياس عندنا وبعد القبض والسلعة تالفة هو محل النزاع للمأخذين، ولما كان هذا مأخذهم أثبتوا التحالف مع الوارث قبل القبض وفيما إذا هلكت السلعة بإتلاف أجنبي في يد البائع؛ لأن كون كل منهما مدّعيًا ومدعىً عليه حاصل هذا مذهب أبي حنيفة (١).

وأما أبو يوسف (٢) فإنه لم يقل بجريان التحالف مع الوارث؛ جمودًا على الحديث، والحق أنه إذا كان مأخذ أبي حنيفة ذلك لم يلزمه من إثبات التحالف في الصورتين المذكورتين إشكال، لكن النزاع في ذلك المأخذ، وأيضًا فإنهم قالوا بالتحالف فيما إذا اشترى عبدًا بجارية وتقابضا، ثم هلك أحدهما، ثم اختلفا، فقال أحدهما: كان مع العبد ثوب وأنكر الآخر، فأثبتوا التحالف في هذه الصورة مع عدم ورود الحديث فيها، وهو بعد القبض ولنا ولهم في البحث في المسألة طريقتان:

إحداهما: طريقة أبي زيد من أصحابهم في تقرير أن التحالف على وفق القياس أو خلافه، قال أصحابنا: إن كل واحد من المتبايعين يدعي عقدًا غير


(١) انظر: بدائع الصنائع (٦/ ٢٥٩)، الهداية شرح البداية (٣/ ١٦١)، البحر الرائق (٧/ ٢١٩).
(٢) انظر مصادر الأحناف السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>