جهة صون الكلام عن عدم الفائدة، فعلى الأول يقدم على القياس، وعلى الثاني يقدم القياس عليه.
وقد استدلوا على أن التحالف حالة الهلاك أولى، بأن السلعة إذا كانت قائمة يمكن أن يستدل على صدق أحدهما ببقائها، وقدر قيمتها، ولا يمكن ذلك مع تلفها، فإذا تحالفا حال قيام السلعة فحال تلفها أولى.
واعترض بعض المتأخرين من أصحابنا على ذلك: بأن الثمن غير معتبر بالقيمة، ولا يرجح دعوى أحدهما بموافقتها، والذي قاله صحيح، إلا أنه لا ينافي الأولوية؛ لأن التحالف إذا أثبت ذلك الأمر المخيل، وأسقط الشرع اعتباره، فلأن يثبت مع التساوي من كل الوجوه أولى، وإن لم يثبت الأولوية كما قال القاضي أبو الطيب، فلا شك أن المساواة حاصلة، فالقياس حاصل كما قاله المصنف، وبالمساواة يشعر كلام الشافعي الذي قدمته عن "المختصر".
وأما حمل المُطلق على المقيد هنا، فعندي فيه نظر؛ لأن ذلك إنما يجب في صورة يكون العامل بالمقيد فيها عاملًا بالمطلق، كالأمر برقبة ورقبة مؤمنه، أما ما نحن فيه فإن المطلق فيه يقتضي التخالف في كل صور الاختلاف؛ لأن أداة الشرط تقتضي ذلك، والتقييد ذكر بعض الأحوال، فهو يشبه تخصيص العام بذكر بعضه، والأكثرون لا يقولون به، فبطل التعلق به أيضًا.
وأما التعلق بأن هذه زيادة، والزيادة مقبولة، فذلك يتوقف على صحتها، وعلى أن ذلك حديث واحد لم يتعدد مجلسه، وكلا الأمرين لم يثبت، وهذا الجواب الذي قلته عن حمل المطلق على المقيد، إنما يحتاج إليه على مذهب الشافعي القائل: بأن حمل المطلق على المقيد من ناحية اللفظ.