للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يصححها أحد من أصحاب الحديث، وقد وردت رواية أخرى بضد ذلك، قيل فيها: "وَالْمَبِيعُ مُسْتَهْلَكٌ" (١).

وكلاهما ضعيفتان، فإن لم يثبتا وهو الحق، فلا إشكال، وإن ثبتنا فكذلك لا يصير مطلقًا قد قيد بقيدين فيبقى على إطلاقه على المشهور في الأصول، وإن فرضنا ثبوت روايتهم وحدها ولا يكون ذلك، فقد يقال: يقتضي ذلك الاقتصار على حالة البقاء؛ إما حملًا للمطلق على المقيد، وإما عملًا بالمفهوم، واقتضائه أن الحكم حالة التلف بخلافه، وإما لأن هذه زيادة في الحديث يجب قبولها، وتكون هي محل النص، وغيرها لا يلحق بها للمقدمة الثانية في كلام المخالف.

وأجاب الأصحاب عن الأولين: بأن أبا حنيفة لا يقول بحمل المطلق على المقيد، وإن اتحدت الواقعة كما فعلوا في قوله: "لا نكاح إلا بشهود" و "لَا نِكَاحَ [إِلَّا] (٢) بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ" (٣) تركوا المطلق على إطلاقه، ولا بالمفهوم، ونحن وإن قلنا بالمفهوم فيقدم القياس عليه، هكذا قال المصنف في "النكت" (٤): أنا نقدم القياس على دليل الشرط، وأطلق القياس وهو مقتضى كلام الشيخ أبي حامد.

وقال القاضي أبو الطيب: إنا نقول بدليل الخطاب، ولكنا نقدم التنبيه عليه، والتنبيه يدل على أن السلعة إذا كانت تالفة أولى بالتحالف، ومراده بالبينة مفهوم الموافقة، ولا شك أنه مقدم على مفهوم المخالفة.

وأما ما اقتضاه كلام المصنف من تقديم القياس مطلقًا على مفهوم المخالفة، ففيه نظر، وينبغي أن يبنى على أن المفهوم من دلالة اللفظ أو من


(١) الدارقطني في الكبرى (٢٨٦٤).
(٢) سقط من المخطوطة وأثبتت من مصادر التخريج.
(٣) أخرجه: أبو داود (٢٠٨٧)، والترمذي (١١٠١)، وابن ماجه (١٨٨٠).
(٤) "النكت في المسائل المختلف فيها بين الشافعي وأبي حنيفة" لم يطبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>