للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشيء الثاني: أن فرض المسألة في إجارة تقلل الرغبة، وهذا قد اقتضى كلام الماوردي الذي قدمناه بطلانها في الزائد، وحينئذ يكون كلام الماوردي موافقًا لكلام الأكثرين، وتكون الصورة التي فرضها الماوردي فيما إذا لم توكس القيمة لم يتعرض لها الأكثرون، بل أجروا الكلام على الغالب، وكلام الرافعي يقتضي إثبات الخلاف مع تقليل الرغبة، وكلام أبي عليّ الطبري أشدّ اقتضاء لذلك، وسنحكيه وقول الرافعي، ثم القائلون بالمنع - أي: وهم الجمهور - الذين قطعوا بالبطلان لم يفصل الجمهور منهم، يعني: بين بعض المدة وبعض، بل أطلقوا البطلان، وفرَّق صاحب "التتمة" قد عرفتَ أن الماوردي فرق أيضًا وهو الصواب، ويتعين حمل المطلقين عليه، وإنهم إنما قطعوا بالبطلان في الزائد؛ لأنه الذي فيه المعنى المحذور، أما الباقي قبل انقضاء الأجل فلا شك في تخريجه على قولي تفريق الصفقة؛ لعدم المحذور فيه، ألا ترى أنه لو اقتصر عليه جاز قطعًا، ومن هنا يتحصل في إجارة المدة الزائدة ثلاثة أوجه؛ أحدها: الصحة في الجميع.

والثاني: البطلان في الجميع.

والثالث: البطلان في الزائد، والصحة في الباقي، وهو الأصح.

فإن فرض أن الإجارة لا تنقص صحَّ في الجميع في الأصح، وقول الرافعي عن "التتمة": "تبطل في قدر الأجل" (١)، وفي الزائد عليه قولا تفريق الصفقة، كذا وقع في الرافعي و"الروضة" (٢)، وهو سبق قلم، والذي في "التتمة"، ففيما جاوز قدر الأجل باطل، وفي الباقي قولا تفريق الصفقة، ولو قلت: يصح في قدر الأجل، وفيما زاد قولان يصح أيضًا، ولكنهما ليسا


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٨٤).
(٢) روضة الطالبين (٤/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>