للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولي تفريق الصفقة، بل القولان اللذان قالهما أبو علي الطبري مع القول بأن الصفقة تتفرق.

وحاصله: أن في قدر الأجل يصحُّ على الأصح، وفي الزائد قولان؛ أصحهما: المنع، وإن شئت تقول: لا يصح في الزائد في الأصح، وفي الباقي قولان؛ أصحهما: الصحة، وأما كلام أبي علي الطبري الذي أشار المصنف إليه، فقد رأيته في "الإفصاح"، قال بعد أن حكى عن الشافعي ما قدمناه في الزراعة، وقوله: "والثاني: أنه لا يمنع من زرعها بحال"، قال: فلذلك يجب قياسًا على هذا ألا يمنع من الإجارة الأكثر من مدَّة الحق، كما قال في الزرع؛ لأن حقه في رقبته لا في منفعته، والأصحُّ: أن ذلك لا يجوز فيهما؛ لأنه إن لم يمنع من بيعها على هذا القول، فإنه ينقص من ثمنها إلَّا أنه يمكن أن يُقال: إنه دخل فيها راضيًا بحكم الشرع فيما يكون من الانتفاع بها على حسب الحال، كما لا يمنع من وطء الجارية المرهونة، وإن خيف منه الإحبال. انتهى.

فأما قياسه على الزرع؛ فقد تقدم الفرق بأن الزرع يقلع إذا توقف قضاء الدين عليه بخلاف الإجارة، اللهم أن يقال: إن الزرع لا يقلع، أو إن الإجارة تفسخ، ولا أعلم من قال بذلك.

وقد صرّح الماوردي (١) والرافعي (٢) بقلع الزرع إذا احتيج إلى قلعه؛ لوفاء الدين، فإن وافق أبو علي الطبري على ذلك اندفع التخريج.

وقوله: "كما لا يمنع من وطء الجارية المرهونة وإن خيف منه الإحبال"، في غاية الإشكال؛ لأن المعروف أنه متى خيف الإحبال؛ امتنع الوطء


(١) الحاوي (٦/ ٢٠٦).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>