للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الرافعي فقال: "عن بعض الأصحاب فيما رواه ابن القطان بناء صحة الإجارة على القولين في جواز بيع المستأجر إن جوزناه صحَّت، وإلّا فلا، والمشهور: بطلانها قطعًا، أما إذا لم يجوّز بيع المستأجر فظاهر، وأما إذا جوزناه فلأن الإجارة تبقى، وإن صح البيع وذلك مما يقلل الرغبة، ثم القائلون بالمنع لم يفصل الجمهور، وقال في "التتمة": يبطل في قدر الأجل، وفي الزائد عليه قولًا تفريق الصفقة" (١). انتهى.

وأما ما حكاه عن ابن القطان، فهو موافق لما قال الماوردي.

وأما قوله: "إن صححا البيع صحت الإجارة"، فمعناه: أنها تصحُّ في جميع المدة التي قبل محل الدين وبعده، وهو أحد القولين اللذين ذكرهما المصنف عن أبي عليّ الطبري.

وقوله: "والمشهور بطلانها قطعًا" هو الذي صدَّر به المصنف كلامه، واقتصر عليه الأكثرون، ومعناه: أنها لا تصحُّ في جميع المدة.

وأما كونها تصحُّ في بعضها أو لا، فمسكوت عنه يأتي بيانه في كلامه، أعني: كلام الرافعي، وهكذا القول الآخر من القولين اللذين ذكرهما أبو عليّ الطبري، وقال أبو علي الطبري: إنه الأصحُّ، وهو كذلك: لأن الأكثرين قطعوا به.

وأما تعليل الرافعي له فيما إذا جوزنا بيع المستأجر بأن الإجارة تبقى، وإن صحَّ البيع، وذلك مما تقل الرغبة فيقتضي شيئين؛ أحدهما: أنا إذا قلنا بصحة الإجارة هنا نبقيها بعد حلول الدين وهو كذلك؛ ولذلك فرَّق صاحب "الاستقصاء" وغيره بين الإجارة والزرع؛ بأن الحق في الإجارة للمستأجر، فلا يقدر الراهن على إزالته، والحقُّ في الزرع للراهن، فيقدر على إزالته.


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>