للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: "لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ" وقد تضافرت الروايات على معناها. وقال الرافعي في "شرح مُسند الشافعي": "جعل بعض الرواة آخر الحديث، وهو قوله: "لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ" من كلام ابن المسيب" (١). وهذا الذي ذكره الرافعي قد تقدم من نقل البيهقي وإثباته ضعيف، لكن تطرق الاحتمال في الاحتجاج به، وقد ذكرنا أن أبا داود قال: إنه الصحيح، وتقدم تفسير الغنم والغرم في كلام الشافعي، وعلم بذلك تضمن الحديث أن الزوائد للراهن والضمان عليه، لا على المرتهن، فإن قيل: الغرم إنما يطلق على غرامة البدل عند التلف، ولا يطلق على من تلف ماله ولم يضمنه غيره، فيتعين حمل الغرم على نفقة الراهن وكسوته، قلنا: الغرم يُطلق على جميع ذلك، والثاني والثالث موجودان في المالك، فحمل الحديث عليهما، والأول مُتعذِّر على أن الأزهري ذكر له مَعنيين: "أحدهما: أن عليه غرم ما يُفك به.

والثاني: أن الغُرم: الخسران، ويقال للذي عليه الدين: غريم وللذي له الدين: غريم، ورجل مغرم بالنساء؛ مُولع بهن" (٢)، وقد ذكر الشيخ أبو حامدٍ تأويليْ أبي عُبيدٍ وإن الشافعي تأوله تأويلًا آخر قريبًا من الأوَّلِ منهما، أي: لا يلزم لزومًا لا سبيل إلى فكاكه وتخليصه، وجَعَل بيت زهير منه أي: ذهبت بقلبه ذهابًا لا يمكن ردُّهُ، واعلم أن هُنا ثلاثة أشياء؛ أحدها: لزوم الرهن لزومًا لا سبيل إلى فكه، وهذا لم يقل به أحد من المسلمين.

الثاني: أنه إذا لم يقض الراهنُ الدين وقت حلوله يملكه المرتهن، وهذا لا نعلم أحدًا قال به أيضًا إلَّا أن يُباع عليه أو يتملكه المرتهن بطريقه.

الثالث: أنه إذا تلف سقط الدين وضمنه المرتهن، وهذا قال به أبو


(١) شرح مسند الشافعي (٢/ ٤٤٨).
(٢) الزاهر في غريب الحديث (ص ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>