للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك هو في "المسند"، فأما السند الأوَّل، فرجاله ثقات كبار، لكنه مرسل، وابن أبي ذئب جليل غير أن روايته عن الزهري خاصة فيها كلام ليس بالضار؛ لأنهم يقولون: إنها عرض أو مناولة (١)، وسند الثاني متصل، لكن يحيى بن أبي أنيسة ضعيف لا تقوم به حجة، وقد علم من مذهب الشافعي في مراسيل سعيد، أنها إذا اعتضدت يحتج بها (٢)، وربما قيل ذلك في مطلق المراسيل كما يطلقه الأصوليون، إلَّا أن عبارة الشافعي (٣) لا تقتضيه إلَّا فى كبار التابعين كسعيد وأضرابه.

ومن جملة الأشياء التي يعتضد بها، أن يكون روي من طريق آخر، ولكن ذلك يظهر إذا كان من جهة أخرى، أو بطريق صحيحة مرسلة، وأما هنا فطريق المسند ضعيفة، وربما يتوهم أن ابن أبي أنيسة وهم في رفعه؛ لأنه مِمَّن يوصف بالوهم (٤). والزهري عن ابن المسيب، عن أبي هريرة جادّة، فيسبق اللسان إليها لكن على الجملة يحصل [ظن ضعيف] (٥) يزيد به المرسل قوة، فيحتمل أن الشافعي يراعي ذلك ويحتج به، وكنت قبل هذا أعتقد أنه لا عبرة بمتابعة الطريق الضعيفة من تلك الجهة، والآن قد دل كلام الشافعي على اعتبارها، وابن ماجه رواه عن محمد بن حميد، عن إبراهيم المختار، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ" (٦). وإبراهيم المختار


(١) تاريخ ابن معين، رواية ابن محرز (١/ ١٢٦).
(٢) انظر: شرح علل الترمذي (١/ ٥٤٠).
(٣) الرسالة للشافعي (١/ ٤٦١ - ٤٦٢) بمعناه.
(٤) انظر: الضعفاء الكبير للعقيلي (٢/ ٧٤).
(٥) ما بين المعقوفتين في المخطوطة: "ظنًّا ضعيفًا". والصواب ما أثبتناه.
(٦) السنن (٢٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>