للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "اشتر لي بها طعامًا، ثم اقبضه لنفسك ففعل صح الشراء، ولا يصح قبضه لنفسه، فإذا قبض لنفسه، قال البغوي: دخل في ضمانه" (١) وهو كما ذكره الرافعي هنا، لكنهما قالا: أصح الوجهين أن الدافع يبرأ وتصحيحهما لذلك هو الحق كما ذكرناهُ في "شرح المنهاج"، ومع القول بعدم البراءة لا شك في أنه مضمون للدافع، وأما مع القول بالبراءة، ففي الحكم بضمانه على القابض، وهو قد قبضه لموكله، وصححنا قبضه بحكم براءة الدافع إشكال، وينبغي أن يكون أمينًا كسائر الوكلاء؛ لأنا على هذا الوجه صححنا القبض بالإذن، فكيف يضمن إلا أن يُقال: إن الضمان لكونه قبض لغرض نفسه، والبراءة بكون مطلق القبض مأذونًا فيه ضمنًا، فلو قبض لموكله صح ولا ضمان عليه، لكنه قبض لنفسه، فترتب على كلٍّ مقتضاه، ولا تنافي في ذلك أن يبرأ لمطلق القبض ويضمن القابض بخصوص القبض.

المسألة الثالثة: لو قال: بعه لنفسك. فقولان على ما ذكره الرافعي (٢) أصحهما وهو المشهور: أن هذا الإذن باطل، ولا يتمكن من البيع؛ لأنه لا يتصور أن يبيع الإنسان مال غيره لنفسه، ولو قال: اشتر بثوبي هذا لنفسك حمارًا، لم يصح أن يشتري لنفسه بذلك الثوب، وهو على ملك مالكه، بل إذا صححناه يكون الثوب هبةً أو قرضًا على خلاف فيه، فالتوكيل بيع مال الغير ليقع العقد للوكيل باطل، ولا يقع العقد كذلك اتفاقًا.

والقول الثاني حكاه صاحب "التقريب": أنه يلغو قوله: لنفسك (٣)، ويكتفي بقوله: بعه فيصح، أو يقول بأن معنى بعه لنفسك؛ بعه لأجل نفسك؛ لتستوفي دينك من ثمنه، فيصح التوكيل، كما لو قال: بعهُ لي.


(١) التهذيب (٣/ ٤١٥).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٥٢٧).
(٣) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>